تأمل صباحي: "غمزة"
في اتجاه أصدقاء
لعب ماركس و انجلز دور طبيبين قاما بفحص المجتمع الرأسمالي
المريض ، فلسفيا، اقتصاديا، سياسيا، اجتماعيا و ثقافيا. خلص الطبيبان إلى ضرورة إجراء عملية جراحية متجاوزا المسكنات التي
لم تعد تنفع شيئا.
سياسيا خلص ماركس و انجلز إلى ضرورة القضاء على نمط الإنتاج
الرأسمالي المبني على الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، و على العمل المأجور، أساس
استغلال الطبقة العاملة من طرف البرجوازية الرأسمالية عبر "إنجاب" فائض
القيمة. يشكل فائض القيمة (أصل تراكم الرأسمال و توسيع دائرته) المظهر المادي لهذا
الاستغلال.
حدد ماركس و انجلز الملامح
العامة للمجتمع الاشتراكي البديل، والثورة كإستراتيجية التغيير.
في البداية، اعتقد ماركس و انجلز أن الثورة ستبدأ من انجلترا،
الدولة المتقدمة رأسماليا، نظرا "لسيادة" التناقض الطبقة
العاملة-البرجوازية الرأسمالية في الصراع الطبقي.
و قد بدأ يتغير هذا المنظور في آخر حياة ماركس و انجلز، خصوصا
بعد زيارة ماركس للجزائر (20 فبراير – 3مايو 1882)، و ملاحظات انجلز حول افغنستان المقاومة.
أين تكمن عبقرية لينين، ماو، هو شي مينه، كاسترو...الخ؟ فزيادة
على تطوير و اغناء الفكر الاشتراكي (في المسألة الاقتصادية، و الفلسفية....) على
ضوء تطور الرأسمالية ( مرحلة الامبريالية...)، و التقدم العلمي...، فقد لعب كل
هؤلاء دور أطباء جراحيين، بمعنى قيادة العملية الثورية في بلدانهم، انطلاقا من
مبدأ "التحليل الملموس للواقع الملموس"، متجاوزين النظرية الجامدة،
النظرية العقيمة، التي تلخص الصراع الطبقي في الصراع بين الطبقة العاملة و
البرجوازية الرأسمالية، قافزة بذالك على واقع التشكيلات الاجتماعية الخاصة بكل
بلد، و تقزيما لدور الطبقات الاجتماعية الحليفة (للطبقة العاملة) التي تعاني من
سيادة الطبقات السائدة في عملية التغيير.
"من أجل تحرير جميع الشغيلة تحريرا تاما، ينبغي على
الفلاحين الفقراء أن يعمدوا، بالتحالف مع عمال المدن، إلى خوض النضال ضد
البرجوازية برمتها، بمن فيها الفلاحون الأغنياء". لينين "إلى الفلاحين الفقراء 1903).
خلافا للمناشفة، فقد ربط البلاشفة نجاح الثورة في روسية المتخلفة
اقتصاديا و اجتماعيا...بالتحالف العمالي-الفلاحي.
أما ماو تسي تونغ، فقد كتب عدة مرات " تشكل الطبقة العاملة
القيادة السياسية، و الفلاحون الفقراء القوة الضاربة/العمود الفقري للثورة
الصينية".
هزيمة فرنسا سنة 1954، و الولايات المتحدة سنة 1975 بفيتنام هي نتيجة
بناء جبهة مختلفة طبقات الكادحين من طرف الشيوعيين.
لقد فشل المناشفة، و من ضمنهم التروتسكي، في انجاز و لو تغيير
بسيط في أحد بلدان المعمور. يكمن سبب هذا العقم في نفيهم تواجد تناقضات أخرى داخل
المجتمع الرأسمالي، حيث يعتقدون أن الصراع الطبقي ينحصر في الصراع بين العمال و
الرأسماليين، و أن الثورة الاشتراكية هي المهمة الوحيدة المطروحة.
إن هذه المقاربة "النظرية" تتنافى مع المادية
التاريخية و الجدلية.
لا يمكن التركيز على قيادة الطبقة العاملة سياسيا لعملية السيرورة
الثورة (و هذا صحيح)، و إغفال دور مختلف الطبقات الكادحة الأخرى في تلك
السيرورة، و من هنا تطرح على القوى الثورية مهمة إيجاد برنامج مرحلي يمكن من بناء
جبهة طبقية عريضة مناهضة للتكتل الطبقي السائد.
"التحليل الملموس للواقع الملموس" يستلزم تحديد مختلف
التناقضات الطبقية، ترتيبها (الأساسية، الرئيسية، الثانوية)، تحديد طبيعة الثورة
الراهنة، و كل ذلك في أفق الثورة الاشتراكية التي تحسم التناقض بين العمال و
الرأسمال، بين الطبقة العاملة و البرجوازية الرأسمالية.
محاولة القفز على الواقع الطبقي السائد، و تجاهل مختلف
التناقضات التي تحرك الصراع الطبقي، و نفي الدور الثوري لفئات اجتماعية (الفلاحون
الفقراء، المعطلون، الفراشة، المحرمون من السكن اللائق....الخ)، ستبقى محاولة
فاشلة، و سجينة الطرح المنشفي لبداية القرن العشرين.
على فقير، 14 أبريلا 2016
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire