مقال نشر بجريدة "النهج الديمقراطي"، العدد 187 لشهر نونبر 2014
الإشكالات الاقتصادية بالبادية
المغربية
على فقير
يشكل القطاع الفلاحي إحدى أعمدة
الاقتصاد المغربي، و أهم قطاع في التشغيل (كثيرا ما يكون مقنعا) لقوة العمل. و قد
شكل منذ بداية الستينات، أهم أولويات الدولة، ليس كقطاع يستجيب لحاجيات السكان بل
كأهم عنصر في صادرات البلاد.
يصعب اليوم الحديث عن قطاعين، أحدهم تقليدي و
الثاني عصري، فالرأسمالية الزراعية المبنية على العمل المأجور، أصبحت سائدة بشكل
مطلق، و هذا رغم أن الاستغلاليات الصغرى تبقى هي الأكثر عددا في المناطق الجبلية،
و السفوح الشرقية المجاورة. سوف لن نتطرق بشكل كبير "للقطاع التقليدي"،
لأن دوره ينحصر في تلبية جزء بسيط من حاجيات الملاكين، أغلبهم فلاحون فقراء لا تتجاوز مساحة
استغلالياتهم هكتار واحد، و يشكل غطاءا مقنعا للبطالة، يعتمد نفس وسائل الإنتاج
العتيقة، و لا يستفيد من دعم الدولة، و لا من سياسة السدود، و لا من المكننة...الخ
سوف لن نتطرق في مقالتنا
هذه لأنشطة اقتصادية مكملة للقطاع الفلاحي في البادية مثل التجارة، و بعض المهن
الحرفية البسيطة.
أولا- المسألة الزراعية غداة
استقلال 1956
خارج شعار "الاستقلال"، لم يكن
للحركة الوطنية المغربية أي برنامج واضح حول مستقبل البلاد بعد رحيل المستعمر، و
هذا ناتج عن الخليط الطبقي المكون للحركة تحت قيادة البرجوازية المدينية، في تحالف
غير طبيعي مع القصر.
كانت أهم الأراضي الفلاحية بين أيادي
الرأسماليين الزراعيين الأجانب ( بالسهول الخصبة)، و أشباه الإقطاعيين المغاربة
(بسفوح جبال الأطلس بالأساس). و كان جل هؤلاء مناهضين لفكرة الاستقلال.
بعد استقلال 1956، و بمختلف أجنحته، رفع حزب
الاستقلال شعار" ضرورة استرجاع أراضي المعمرين الأجانب (أكثر من مليون
هكتار)، و نزع ملكية الملاكين الخونة المغاربة (عشرات الآلاف من الهكتارات)، و قد
حدد عددهم في 183 ملاك عقاري كبير".
رغم سدادة شعار "استرجاع أراضي
المعمرين، و نزع ملكية الخونة"، فان طرق/وسائل/شروط تحقيق الشعار، و مصير تلك
الأراضي بقيت بدون أجوبة واضحة.
بعد صراع مرير بين أجنحة الحركة الوطنية، و
بين مكونات الحركة الوطنية مع القصر و قاعدته الاجتماعية، الملاكون الكبار
الشبه-الإقطاعيون أمثال أحرضان، امحزان، امهراق، لحس اليوسي...، الأطر العسكرية
التي تكونت في المدرسة الاستعمارية (افقير، امزيان، الكتاني...)، و الليبراليون
الفرنكوفيون بقيادة كديرة...، و رغم محاولة حكومة عبد الله ابراهيم في أواخر
الخمسينات، فقد فشلت الحركة الوطنية في تشييد مغرب ديمقراطي تقدمي، و في بناء
أسس اقتصاد وطني مستقل، اقتصاد متحرر من
التبعية للسوق العالمية و من وصاية
البرجوازية الرأسمالية الفرنسية.
بعد وفاة محمد الخامس سنة 1961، تقوت الجبهة
الرجعية التي التفت حول الحسن الثاني، و بعد دستور 1962 المفروض الذي شرعن
للاستبداد الملكي، و الانتخابات المزورة التي جاءت بعده، و بعد القمع الهمجي الذي
تعرض حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية و
الحرب المفتعلة ضد الجزائر سنة 1963، حدد النظام الخطوط العريضة لسياساته في مختلف
المجالات، وكانت تتناقض كليا مع مطامح الشعب المغربي عامة، و مع مطامح الكادحين
خاصة: التخندق سياسيا و عسكريا في جبهة الامبريالية المعادية لقضايا الشعوب، و
بناء اقتصاد رأسمالي نبعي يعتمد حاجيات السوق العالمية و ليس حاجيات الجماهير
الشعبية المغربية.
ففي هذه الإطار يجب فهم تحديد أولويتين
للاقتصاد المغربي: الفلاحة و السياحة، و التراجع كليا عن اختيارات حكومة عبد الله
ابراهيم المتقدمة.
ثانيا - التحولات الفلاحية خلال عقد الستينات
لقد اهتمت الدولة بالقطاع الفلاحي لاعتبارات عدة ومنها:
- إن معظم سكان المغرب كانوا مرتبطين بالأنشطة الفلاحية، وكانوا
دائما خزانا أساسيا للانتفاضات والتمرد ضد المخزن، وهذا ما يتطلب سياسة جديدة
لتأطير البادية.
- كانت الفلاحة، خصوصا
الأنشطة العصرية منها، تشكل ورقة مربحة في العلاقات مع أوربا، في الوقت الذي تبقى
فيها إمكانية التصنيع محدودة في إطار الاقتصاد
التبعي.
- إن أهمية الأراضي
الخصبة التي كانت بين أيادي المعمرين الأجانب كانت تشكل ثروة هائلة تسيل لعاب المحظوظين المغاربة.
- كانت شريحة الملاكين
العقاريين الكبار (الشبه-الإقطاعيين بالخصوص) تشكل الركيزة الأساسية
للنظام في المغرب بشكل عام (من الناحية السياسية) وفي البادية بشكل خاص (من
الناحية الاجتماعية)، خصوصا وأن جل الأطر العسكرية، وكبار موظفي وزارة الداخلية
ينحدرون من هذه الشريحة.
وقد تجلى تدخل الدولة في النقط الآتية:
- العفو عن الخونة، و بالتالي حرمان الفلاحين
الفقراء من الأراضي التي نهبها هؤلاء الملاكين العقاريين الكبار.
- تسهيل عملية تفويت
أراضي المعمرين وتنظيم هذا التفويت (للخواص وللدولة). تمت هذه العملية على أساس
تعويضات و امتيازات هامة.
جاء في مقال جد مهم للباحث في العلوم
الاقتصادية، محمد موساوي: " وإذا تذكرنا أن رصيد أراضي الاستعمار كان يبلغ ما يزيد
عن مليون هكتارا، وأن إجمالي ما استرجعته
الدولة رسميا لم يتعد 425000 هكتارا وجدنا أن 575000 هكتارا ( 000 600 هكتارا
تقريبا) بنسبة 60 في المائة من الرصيد
العقاري الأصلي قد تم تفويته – بيعا – إلى ملاكين مغاربة، بينما وزعت 000 324 هكتارا فقط على 356 2 من صغار الفلاحين والعمال الزراعيين، وظل
الباقي في ملك الدولة الخاص إلى حدود سنة 2004، ليفوت على مراحل في إطار
"شراكة " بين القطاع العمومي والقطاع الخاص".
- نهج سياسة السدود
الكبرى لتوفير ماء السقي، وتوسيع مساحات الأراضي المستغلة، استفاد منها بالأساس
ملاكو الأراضي الكبار.
- تأطير النشاط الفلاحي
بخلق مكاتب جهوية للاستثمار الفلاحي (ORMVA) الخاصة بالمناطق
المسقية، وتطوير المصالح المختصة الموجودة سابقا(CT) الخاصة بمناطق البور.
- تشجيع الملاكين على
اقتناء الآلات الفلاحية العصرية (للحرث والحصد والدرس) وعلى استعمال الأسمدة
والبذور الجيدة، و تطوير تقنيات السقي.
- تنظيم بعض الفلاحين
المتوسطين في إطار تعاونيات.
- تقديم القروض عن طريق
مؤسسة "القرض الفلاحي" بشروط امتيازيه.
- تشجيع الفلاحة العصرية
(الأرز، القطن، قصب السكر، الشمندر،الحوامض، البواكير…).
- تسهيل التسويق الخارجي
عبر "مكتب التجارة الخارجية".
لقد غيرت
هذه السياسة من وجه البادية المغربية، ويمكن تلخيص المضاعفات الاجتماعية في النقط الآتية:
- التهافت على الأراضي
من طرف المحظوظين (من خارج الدولة ومن داخلها) أدى إلى ظهور فئة الملاكين الكبار
العصريين المرتبطين بالرأسمالية الزراعية. ويمكن تقسيم هذه الفئة إلى شريحتين: شريحة الملاكين
الذين يسهرون على استغلال الأرض ( يمكن نعتهم بشريحة الفلاحين الأغنياء ) وشريحة
الملاكين العقاريين الذين يشتغلون في ميادين أخرى (كبار الموظفين، التجار…) ويستحوذون على الريع
العقاري نتيجة احتكارهم للأرض.
- نظرا للأرباح السريعة
والسهلة التي يوفرها النشاط الفلاحي، فقد ظهرت ولو بشكل ضعيف، فئة الرأسماليين الزراعيين الذين يكترون الأراضي من أجل استغلالها
استغلالا رأسماليا (فهم غير مالكين).
- ساعدت هذه السياسة على
تحويل فئة الملاكين العقاريين الشبه الإقطاعيين من فئة تقليدية تعتمد الوسائل
والعلاقات العتيقة إلى فئة تعتمد الوسائل والتقنيات العصرية والعمل المأجور
الرأسمالي في الاستغلال.
- شجعت هذه السياسة
الكثير من الموظفين السامين، خصوصا العسكريين منهم، من الاستيلاء على أراضي جديدة، كما اهتم الكثير
من البرجوازيين الحضريين بالنشاط الفلاحي كنشاط تكميلي.
و قد كان الخاسر الأكبر في هذه السياسة هم
الفلاحون المتوسطون والصغار، الذين تدهورت وضعيتهم، وشرد الكثير منهم، فمنهم من التحق بالطبقة العاملة كعمال
زراعيين، ومنهم من هاجر إلى المدينة للبحث عن عمل، وهكذا انتشرت وازدهرت أحياء، بل، مدن
الصفيح.
لقد مكنت سياسة "عصرنة الفلاحة"،
وسياسة السدود فئة من الوصوليين والانتهازيين ومصاصي دماء الكادحين ومن أفراد
القصر وخدامه... من الاستيلاء على أجود الاراضي في البادية المغربية، واحتكار
مياهها، مما أدى إلى تفقير وتهجير الملايين من أصحابها الأصليين.
ثالثا – الدولة و القطاع الفلاحي خلال عقد
السبعينات
- إنهاء وجود الملكية الأجنبية في القطاع
الفلاحي. إن سيرورة "القضاء"
على لملكية الأجنبية للأراضي الفلاحية بدأت غداة استقلال 1956، و انتهت بشكل تام
سنة 1973 مع "قانون المغربة".
- مواصلة سياسة السدود مع ما يواكبها من الاستيلاء على أراضي جديدة،
وتشريد أهلها، وتقوية نفوذ البرجوازية الزراعية.
- توزيع جزء من أراضي الدولة المسترجعة على بعض الفلاحين بهدف تقوية
الفئة المتوسطة من الفلاحين للتخفيف من حدة الصراع الطبقي في البادية.
- خلق شركة التنمية الفلاحية (SODEA) وشركة الاستثمارات الفلاحية (SOGETA) من أجل تدبير أراضي الدولة الفلاحية.
- مواصلة تشجيع الفلاحة التصديرية على حساب الحاجيات المحلية.
- سن قانون الاستثمار
الفلاحي الذي يخدم بالأساس مصالح الملاكين الكبار(القروض الامتيازية، الإعفاء
الضريبي...).
رابعا – السياسة الفلاحية خلال العقود
الثلاثة الأخيرة
بعد عقد من سن "قانون المغربة" ، و في
إطار "سياسة التقويم الهيكلي"، فتحت الدولة المجال للرأسمال الأجنبي
للاستثمار في القطاع الفلاحي، حيث استفاد العديد من الأجانب (فرنسيين، اسبانيين،
سويسريين...) من تفويت أراضي الدولة في إطار عملية كراء ، كما استفاد العديد من الأطر
العسكرية من أمثال الجنرال بناني و الجنرال القادري...الخ، و من المقربين للقصر
أمثال الأمير مولاي إسماعيل، و من قادة
الأحزاب السياسية أمثال الدكتور الخطيب، المؤسس لحزب العدالة و التنمية، و إسماعيل
العلوي من حزب التقدم و الاشتراكية، و أحرضان من الحركة الشعبية...الخ
لقد تمركز الرأسمال الزراعي الأجنبي بالأساس
في منطقتي سوس (البواكير، الحوامض...) و
مكناس (العنب و إنتاج المشروبات الكحولية).
و يمكن تركيز بعض المستجدات من سياسات الدولة في القطاع الفلاحي في النقط
الآتية.
أ- اتفاقيات "التبادل الحر" مع
الولايات المتحدة ألأمريكية، و الاتحاد الأوربي، و هي اتفاقات غير متكافئة لاختلال
موازين القوة لصالح الآخرين.
ب – "مخطط المغرب الأخضر": لقد
حددت أسس و أهداف هذا المخطط من طرف "مكتب الدراسات الدولي
"ماكنزي"" وذلك خلال سنتي 2007 و 2008، و يمتد انجازه إلى سنة
2020.
يرتكز المخطط
على دعامتين أساسيتين: الفلاحة التنافسية ذات القيمة المضافة العالية، و الفلاحة
التضامنية ذات الوظيفة الاجتماعية.
"لذا سوف يتم التركيز على ما استجد
فيما يخص الآليات والأدوات المزمع تعبئتها بغرض تكثيف التراكم الرأسمالي في بيئة
إنتاجية تغلب عليها الاستغلاليات الصغيرة و المتوسطة و تعاني من خصاص معيق في
تكتيل الإنتاج و تنظيمه. بغية تجاوز هذه الأوضاع، أفرد المخطط عناية خاصة للإنتاج
التعاقدي في إطار نماذج جديدة "لتجميع الإنتاج" و لمراجعة عميقة
لبنية و أغراض "صندوق التنمية الفلاحية"" (محمد موساوي)
و لبلوغ الأهداف المسطرة، سيتم تنظيم الفلاحين الصغار و المتوسطين حول ملاكين
عقاريين كبار أو مستثمرين رأسماليين زراعيين، يتوفرون على أكثر من 100 هكتار و
أبانوا عن نجاحهم في التسيير و التنظيم و المردودية العالية، و ذلك في إطار
تعاونيات أو في إطار شراكة. و ليستفيد المشروع من دعم الدولة يجب جمع بين 200 و
000 2 هكتار لتكتيل الإنتاج. و الهدف من
هذا التجميع هو تجاوز معيقات "الاستغلاليات الصغيرة و المتوسطة" التي
تطغى في الملكية، حيث يتجاوز عدد "الاستغلاليات الصغيرة جدا، و الصغيرة، و
المتوسطة" 000 420 1 وحدة من ضمن حوالي 000 500 1 وحدة.
يقول الخبير و الباحث محمد موساوي:
" تنفرد هذه الشراكة حسب واضعي المخطط بالمزايا التالية :
- تمكين الفلاحين المنتسبين للتجميع (أي المجمعين، المفعول بهم) من
الاستفادة من القروض التفضيلية الممنوحة من لدن الأبناك، اعتمادا على عقود التجميع
الثلاثية الأطراف المبرمة بين المجمع والفلاحين والدولة ممثلة بوزارة الفلاحة؛
- استفادة الفلاحين من المدخلات ومختلف الخدمات (من تأطير و تكوين) التي
يقدمها المجمع برسم بنود الشراكة المتفق عليها؛
- تقاسم المخاطر (و هذا هو بيت القصيد) بين المستثمر المجمع والفلاحين، حيث
يتحمل الفلاحون مخاطر الإنتاج بشتى أنواعها - بما فيها تلك الصادرة عن الظروف
المناخية- في حين يتكفل المستثمر بمخاطر التسويق؛ و يمكن لكلا الطرفين الحصول على
تغطية تأمينية بشروط تحفيزية".
و يشكل "صندوق التنمية
الفلاحية" مند نشأته في أواخر الثمانينات، الأداة الأساسية في تطبيق سياسات
الدولة في القطاع الفلاحي
خامسا – بعض المعطيات حول الوضعية الراهنة
- حسب
معطيات سنة 2012 الصادرة عن المندوبية
السامية للتخطيط ، يساهم القطاع الفلاحي في توفير الشغل ل 40 في المائة من
الساكنة النشطة المشتغلة الإجمالية (التي يبلغ عددها 10.510.000 فردا) و يستوعب ما
يقارب 80 في المائة من اليد العاملة القروية ، كما يضمن الدخل -جزئيا أو
كليا-اللساكنة القروية المشتغلة بالفلاحة بمقدار يساوي 66 في المائة من الدخل الإجمالي
- حسب مصادر الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي- التوجه الديمقراطي، يمكن تقدير البروليتاريا الزراعية المرتبطة بالعمل
المأجور بحوالي 000 000 1 فرد، 90 في
المائة منهم غير مصرحين لدي صندوق الضمان الاجتماعي، مما يؤهل هذه الشريحة من
الطبقة العاملة للعب دور رائد في الصراع الطبقي في أفق التغيير الجدري.
- تشكل منطقتي ماسة – شتوكا أيت بها بسوس أهم موقع الاستثمارات الأجنبية بما فيها
"الشركات المتعددة الجنسيات"، و يشكل منتوج المنطقة، خصوصا من الحوامض و
البواكر حوالي 75 في المائة من صادرات المغرب في هذا الميدان.
- بعد استنزاف المياه الجوفية، بدأت تتجه
أغلبية رأسمالي سوس الزراعيين إلى الصحراء الغربية، خصوصا منطقة الداخلة حيث أراضي
خصبة و بأبخس الثمن، كما تحتوي تلك المناطق على احتياط هائل من المياه الجوفية.
- فزيادة على قلة الأمطار الموسمية، يعاني
صغار الفلاحين و سكان تلك المناطق من قلة المياه نظرا لاستغلالها بشكل مفرط
وعشوائي من طرف الرأسماليين الزراعيين.
- تشكل ملايين هكتارات أراضي الجموع، و أراضي
السولاليات احتياطا للاستثمار الفلاحي جد مغريا يسيل لعاب الرأسماليين الزراعيين.
الخلاصة العامة
اقتصاديا، يبقى "القطاع
العصري"، أي الرأسمالية الزراعية،
المحرك الأساسي للفلاحة المغربية، و
هو قطاع مندمج في السوق العالمية في إطار مبادئ "المنظمة العالمية
للتجارة"، و في إطار اتفاقات "التبادل الحر" الغير المتكافئة،
خصوصا مع الاتحاد الأوربي و الولايات المتحدة الأمريكية. أما "القطاع
التقليدي" المبني على الاستغلالية
الصغرى و المتوسطة، و رغم أنه "يستوعب" ملايين من العائلات، فيبقى ضحية
سياسات الدولة: عدم الاستفادة بالشكل الكافي
من القروض، من مياه السدود، من
المكننة، من الأسمدة...الخ و هو غير قادر على تلبية الحد الأدنى من العيش الكريم
لملايين الفلاحين، مما يدفع العديد منهم إلى الهجرة نحو المدن لتقوية أحزمة الفقر. فمن هشاشة
البداية ينتقل هؤلاء إلى هشاشة أكثر قسوة، هشاشة الكريانات.
من الملاحظ كذلك تداخل القطاعات
فيما بينها حيث تجد "مجموعات" من الرأسماليين (في مقدمتها "اونا"،
الهولدينغ الملكي) تنشط في الزراعة، في القطاع الصناعي، في القطاع البنكي، في قطاع
التوزيع...الخ
و أخيرا، يجب التذكير بأن هدف
سياسات الدولة المخزنية في القطاع الفلاحي يبقى هو تلبية متطلبات المستهلك
الأجنبي، و جني العملة الصعبة، أما حاجيات الجماهير الشعبية، فتبقى خارج أجنداتها
و خارج اهتماماتها الأساسية.
على فقير، 20 أكتوبر 2014
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire