حركة 20 فبراير ما بين الطموحات الثورية
و تكريس الاستمرارية للاستبداد
خلافا لما تروجه وسائل الإعلام المخزنية، و مختلف القوى
المرتبطة به، و خلافا لما تنظر له القوى و "الفعاليات" المنهزمة، فان
الشعب المغربي مناهض في عمقه للنظام المخزني القائم.
يجد العداء الدفين تجاه المخزن تفسيره في سيادة
الاستبداد السياسي، في القهر الاجتماعي، في الاستغلال الاقتصادي، في التهميش و
الإقصاء و الفقر الذي تعاني منه أغلبية الجماهير الشعبية.
لقد شكلت الأحداث التي عرفتها تونس، و مصر... مناسبة
لتنفجر الأوضاع في المغرب، بدأت تضامنية مع الشعوب الثائرة لتتحول إلى حركة مناهضة
للاستبداد المخزني محليا.
أهداف حركة 20 فبراير المغربية
1 – حركة 20
فبراير و الصراع الطبقي.
تجد حركة 20 فبراير المجيدة جذورها في التشكيلة الاجتماعية و انعكاسها في
الصراع الطبقي.
لقد شكلت الفئات الأكثر تضررا من البنية الطبقية القائمة
(كادحي الأحياء الشعبية، الشباب مجهولي الأفق...) العمود الفقري لحركة 20 فبراير.
لقد لعبت (قبل غيرها) عوامل التهميش و الإقصاء و الهشاشة دورا أساسيا في تقوية
الحركة.
2 – ضعف التأطير
السياسي.
رغم انخراط النهج الديمقراطي، و جماعة العدل و الإحسان،
و مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي، فان حركة 20 فبراير منذ انطلاقها بقيت (مثلها
في ذلك مثل مختلف الانتفاضات التي عرفتها بلدان عربية و مغاربية أخرى) بدون قيادة
سياسية قادرة على طرح البديل الثوري، و إستراتجية التغيير، و تكتيكات الصراع المرحلي.
إن ما عرفته البلدان العربية و المغاربية تبقى قريبة من
لانتفاضات الشعبية أكثر منها لثورات شعبية. فالثورة تتحدد بمضمون برامجها
الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية، و بالطبيعة الطبقية لقيادتها
السياسية.
3 – الأرضية التأسيسية لحركة 20 فبراير: محتوى اصلاحي
و طموح التغيير الثوري.
تحتوي الأرضية على 9
مطالب( أنظر بلاغ 14 فبراير 2011) و مما جاء في النقط التسعة:
- دستور ديمقراطي من انجاز مجلس تأسيسي منتخب ديمقراطيا-حل
البرلمان و الحكومة الحاليين و تشكيل حكومة انتقالية لتفعيل مطالب حركة 20 فبراير-استقلال
السلط بعضها عن البعض- محاكمة ناهبي خيرات
البلاد-الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية بجانب اللغة العربية-إطلاق سراح
جميع المعتقلين السياسيين-إدماج حامي الشهادات في الوظيفة العمومية-ضمان العيش
الكريم للجميع-ضمان ولوج الفقراء للخدمات العمومية.
من الملاحظ، أن مطلب "الملكية البرلمانية" لم
يورد في الأرضية، و أن جماعة العدل و الإحسان لم تكن حاضرة عند صياغة هذه الأرضية،
كما أن الأرضية لم تكن من انجاز تنظيمات سياسية بل من انجاز شباب أغلبيتهم ينتمون
إلى النهج الديمقراطي، حزب الطليعة، الاشتراكي الموحد ، زيادة على الشباب المستقل،
و مناضلات و مناضلي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
من خلال دراسة الأرضية التأسيسية يمكن القول، أن حركة 20
فبراير كانت "إصلاحية" أكثر ما هي ثورية، و مع تطور الصراع الطبقي، و
تعنت النظام الذي أختار القمع الدموي (11 شهيد)، فقد تجدرت شعاراتها حيث برز من
خلالها الطموح الثوري للشباب و للفئات الشعبية المقهورة، و لبعض القوى السياسية
الداعمة للحركة.
يمكن اعتبار أهداف الحركة إصلاحية من حيث محتوى أرضيتها من إمكانها تجميع في جبهة
نضالية كل الطبقات المتضررة من سيادة الاستبداد المخزني، و يتجلى طابعها
الثوري في عزيمتها في فرض المطالب
الديمقراطية المشروعة عبر الشارع، عبر
النضال الجماهيري، متجاوزة بذلك إستراتيجية أحزاب الحركة الوطنية التي كانت دوما
تراهن على المذكرات الخجولة الموجهة للملك ، و على المؤسسات "المنتخبة"
المخزنية.
خمس سنوات بعد فبراير2011:
تراجع الحركة، و تكريس استمرارية الاستبداد
لكل فشل أسباب
داخلية، و أسباب خارجية، و تبقى الأسباب الداخلية هي المسبب الرئيسي في نهاية
الأمر,
1 – المتناقضات
الداخلية لحركة 20 فبراير
لم
تتمكن حركة 20 فبراير من تحقيق أهم أهدافها، و هذا راجع بالأساس إلى ضعف
"بنيتها" الاجتماعية، و ضعف التأطير السياسي.
فعدم انخراط
الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء في الحركة، قد أفقدها طول النفس و الضغط
الاقتصادي. فالشباب و الفئات الشعبية التي تعاني من الهشاشة و رغم طموحها الثوري، فتبقى،
بشكل عام، "جيشا احتياطيا" للثورة و لا تشكل القوة القائدة و الحاسمة في الثورة.
يمكن تلخيص نقط ضعفها السياسي في مواقف أهم القوى السياسية
الداعمة لها، و المؤثرة فيها عن طريق شبابها.
-
اكتفت القوى السياسية المناضلة (النهج الديمقراطي، مكونات فيدرالية اليسار
الديمقراطي، العدل و الإحسان)، بمواقف الدعم، فالوقت الذي كانت تتطلب فيه الوضعية تشكيل جبهة واسعة لمواجهة مباشرة الاستبداد
المخزني.
-
خوفا من تجدير الحركة لنضالها و لشعاراتها، حددت مكونات الفيدرالية سقفا للحركة: الملكية
البرلمانية. و هذا نابع من تثبتها بالنظام الملكي كيفما كانت الظروف. فغداة خطاب 9
مارس 2011، أعلن ايت يدير محمد بنسعيد، الأب الروحي للفيدرالية، عن دعمه لحركة 20
فبراير شريطة أن لا تمس الملك محمد السادس، بمعنى أن لا تمس بشعاراتها و مطالبها النظام الملكي.
-
جماعة العدل و الإحسان، المكون الأساسي (عدديا) التي التحقت بحركة 20
فبراير بعد الانطلاقة، لم تتخلى عن علاقاتها مع حزب العدالة و التنمية المخزني، و
عن دعمه في انتخابا خريف 2011. لقد قررت الانسحاب (تنظيميا و سياسيا) من الحركة
حتى لا تضعف حكومة حزب العدالة و التنمية "الإسلامي"، و تساهم بذلك في
فشال أول "تجربة إسلامية" في المغرب. فمشروع جماعة العدل و الإحسان
مرتبط بمشروع "الأممية الإسلامية" عالميا. و هذا مفهوم و مشروع. فلكل
واحد من المناهضين للاستبداد المخزني، مرجعيته، أهدافه الإستراتيجية، و حساباته
السياسية الظرفية. و هذا ليس بعيب. فالمغفلون هم من يتوهمون عكس ذلك.
-
و نحن كذلك في النهج الديمقراطي لم تكن لنا صورة واضحة حول التعامل مع حركة
20 فبراير، حول طبيعة علاقاتنا مع القوى الملكية الداعمة للحركة، و لا مع القوى الإسلامية
الفاعلة ميدانيا لكنها مرتبطة بمشروع ماضوي عالمي.
2 – تكريس الاستمرارية
للاستبداد.
فزيادة على العوامل الداخلية التي أنخرتها من الداخل، فان القمع الدموي الذي واجه
به النظام حركة 20 فبراير المجيدة، و استطاعته لف
جميع القوى السياسية و النقابية البرلمانية حوله، و تجنيد أهم امتداداته
الدينية عبر المغرب، و "وفاء" الجيش، و البوليس للمخزن، فقد لعبت كل هذه
العوامل دورا مهما في تراجع الحركة، و
تكريس الاستمرارية للاستبداد.
الخلاصة
لقد عبرت حركة 20 فبراير عن سخط الجماهير الشعبية عامة،
و عن سخط الشباب و ضحايا الهشاشة خاصة.
لقد اخترقها النظام من الداخل، و ذلك بترويج شعار التشبث
بالنظام الملكي.
لقد تمكن المكون الإسلامي من زرع البلبلة حول مصير
الحركة.
لقد عجز المكون الماركسي من طرح أفاق واضحة للحركة.
أهم درس يمكن استخلاصه، هو إعادة ما قاله من قادوا ثورات
ناجحة: لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية، لا ثورة بدون قيادة ثورية، لا ثورة حقيقية
بدون قيادة الطبقة العاملة بواسطة أدواتها و في مقدمتها حزبها المستقل. الطموح
الثوري ضروري لكنه غير كافي لهزم العدو.
التغيير آتي
بدون شك، و طبيعة البديل مرتبط بموازين القوة داخل الجبهة المناهضة للاستبداد.
على فقير ، بداية فبراير 2017
نشر بجريدة النهج الديمقراطي، العدد 234
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire