حول نشأة الحركة
الماركسية اللينينية المغربية
(على
فقير)
تقديم
لقد شكلت انتفاضة مارس 65 تحولا أساسيا في وعي الشباب المغربي، وزلزالا حقيقيا
داخل الأحزاب التقدمية (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والحزب الشيوعي)، نظرا لتخاذل قيادتها. اتضح لعدد من المناضلين المتحزبين والغير
المتحزبين أن فشل النضال ضد الحكم يرجع بالأساس إلى الطبيعة الطبقية البرجوازية
لقيادة هذا النضال، وهذا ما دفع العديد من الثوريين إلى بناء أنوية ماركسية- لينينية أعطت بالأساس منظمتي "أ" (30
غشت 1970) "ب"(مارس 1970) اللتين ستعرفان فيما بعد بمنظمة "إلى
الأمام" و منظمة "23 مارس".
وقد تمكنت الحركة الماركسية-اللينينية المغربية من قيادة كفاح الشبيبة
المغربية ابتداء من سنة 1970، وكان طموحها هو الانغراس
داخل الكادحين بشكل عام، وداخل الطبقة العاملة بشكل خاص، على طريق بناء الأدوات
الثورية، وفى مقدمتها حزب الطبقة العاملة، من اجل إنجاز الثورة الوطنية
الديمقراطية الشعبية، في أفق تشييد المجتمع الاشتراكي الخالي من استغلال الإنسان
للإنسان.
ستعرف منظمة
"ب" سنة 1971 انسحاب مجموعة من أعضائها بقيادة أحمد حرزني، لتشكيل
المنظمة "ت" التي ستعرف فيما بعد بمنظمة "لنخدم الشعب".
الأسس
النظرية الأساسية لتأسيس
منظمة "الى الأمام"
لقد شكل بروز الحركة الماركسية اللينينية المغربية سنة 1970، تحولا نوعيا
في الصراع السياسي بالمغرب.
يمكن إبراز المرتكزات الأساسية لمرجعية/بوصلة منظمة "إلى الأمام"
في النقط الآتية (أنظر وثيقة "سقطت الأقنعة فلنفتتح طريق الثورة").
- عجز القيادات
الإصلاحية التقليدية على قيادة و تأطير الجماهير الشعبية في نضالها من أجل التحرر
من السيطرة الامبريالية و من النظام المخزني الرجعي.
- غياب التنظيم المستقل
للطبقة العاملة المسلح بفكرها الشيوعي لقيادة الجبهة الطبقية المناهضة لنظام
البرجوازية الكبرادورية و الملاكين العقاريين الكبار، و ذلك لضمان انجاز الثورة
الوطنية الديمقراطية الشعبية (تشييد جمهورية مجالس العمال و الفلاحين الفقراء)على
طريق الثورة الاشتراكية (تشييد دكتاتورية البروليتاريا) في أفق المجتمع الشيوعي
(تضمحل فيه الدولة كجهاز طبقي) الخالي من الطبقات الاجتماعية و الذي ينعدم فيه
استغلال الإنسان للإنسان.
- شكلت الماركسية
اللينينية و إسهامات ماو تسي تونغ المرجعية الإيديولوجية للمنظمة.
- شكل واقع
التشكيلة الاجتماعية (مختلف الطبقات المتواجدة و علاقات الإنتاج
السائدة)، و طبيعة التناقضات المحركة للصراع السياسي و الفكري، و
الهيمنة الامبريالية... أهم العناصر التي أسست لنظرية : مرحلة الثورة الوطنية
الديمقراطية الشعبية على طريق الثورة الاشتراكية في أفق تشييد مجتمع تنعدم فيه
الطبقات الاجتماعية، المجتمع الشيوع الخالي من استغلال الإنسان للإنسان.
- تبني إستراتيجية
العنف الجماهيري الواعي و المنظم (خلافا للعقليات الانقلابية و النخبوية التي كانت
سائدة آنذاك في العالم العربي)، و هذا ما تطلب الانخراط الفعلي في الكفاح
الجماهيري اليومي: تأطير الحركة التلاميذية بواسطة النقابة الوطنية للتلاميذ،
قيادة الحركة الطلابية بواسطة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، المساهمة النضالية في
الاتحاد المغربي للشغل، ربط علاقات نضالية مع العمال الزراعيين و الفلاحين
الفقراء، المساهمة في تأسيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، المساهمة في تأسيس
أول لجنة حقوقية لمناهضة القمع في المغرب...
- تسطير الارتباط
النضالي و وحدة المصير مع شعوب العالم العربي، و أهمية النضال التحرري الوطني
للشعب الفلسطيني في مواجهة الصهيونية و الامبريالية و الرجعية العربية.
- تسطير الارتباط
النضالي و التضامن ألأممي مع الحركات العمالية و التقدمية العالمية في مواجهة
الامبريالية والرأسمالية.
- تسطير الاستقلال
السياسي و التنظيمي و المالي تجاه مختلف التيارات و التكتلات العالمية.
كانت الحركة الماركسية اللينينية المغربية
بمختلف فصائلها أول من عبر عن مساندتها للمناضلين الصحراويين في نضالهم المشروع ضد
الاستعمار الاسباني و في كفاحهم الوطني، و هذا ما عبرت عنه الحركة الطلابية إبان
المؤتمر الخامس عشر للاتحاد الوطني للطلبة المغرب الذي انعقد في غشت 1972. ستبقى
فيما بعد منظمة "إلى الأمام" متشبثة بهذا الموقف.
الحركة
الماركسية اللينينية و التوجهات الثلاثة
برزت داخل الحركة الماركسية
اللينينية المغربية ابتداء من 1971 ثلاثة توجهات أساسية:
- توجه
يسراوي/"ماوي" تزعمه احمد حرزني، الرئيس السابق "للمجلس الاستشاري
لحقوق الإنسان" و "السفير المتجول حاليا" . كان يرفض هذا التوجه العمل داخل المنظمات
الجماهيرية كالاتحاد الوطني لطلبة المغرب (مقاطعة المؤتمر الخامس عشر 1972)، و
الاتحاد المغربي للشغل، و النقابة الوطنية للتلاميذ، و الاتحاد الوطني للمهندسين،
و فكرة إنشاء جمعية حقوقية...
كما كان يدعو إلى الكفاح المسلح في تلك الظروف. و سيعرف هذا التوجه فيما بعد
بتنظيم "لنخدم الشعب".
- توجه يميني يتزعمه محمد الحبيب الطالبي. ستتضح حقيقة هذا التوجه سنة 1973 حيث سيعلن من باريس عن ميلاد " 23 مارس"
المعروفة وطنيا ب " 23مارس- قيادة الخارج " التي ستتخلى نهائيا عن
الاختيارات الأساسية للحركة الماركسية اللينينية. و قد أعطت "23 مارس"
"منظمة العمل الديمقراطي الشعبي" التي خرج من رحمها "الحزب
الاشتراكي الديمقراطي" بزعامة محمد الحبيب الطالبي و الذي ذاب فيما بعد داخل
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. انسحب محمد الحبيب الطالبي باسم
"اليسارية" من الاتحاد لما كان هذا الحزب حزبا مناضلا و عاد باسم
"الواقعية" للاتحاد في شكله الجديد لركوب قطار المخزن صحبة عبد الواحد
الراضي، لشكر.... لقد لعبت "منظمة العمل" دورا أساسيا في
"تجميع" خليط من المجموعات و الفعاليات ذات تجارب و مرجعيات مختلفة
لتشكيل حزب " اليسار الاشتراكي الموحد" ، الذي سيتوحد فيما بعد مع "الوفاء للديمقراطية " (القادمة من الاتحاد الاشتراكي)
لتشكيل "الحزب الاشتراكي الموحد" الحالي.
-
التوجه الثالث المتمثل في منظمة "إلى الإمام" الشيوعية, لخصت سابقا
أهم طروحاتها ، و المتجسدة اليوم فكريا و سياسيا (بشكل عام) في "النهج
الديمقراطي" .
لم تخطئ منظمة "إلى
الأمام" موعدها مع التاريخ عندما عبرت على موقف "حق الشعب الصحراوي في
تقرير مصيره بنفسه" سنة 1974 ، و واقع اليوم الذي يتسم بالمأزق الذي وصل إليه
ملف الصحراء الغربية و الكلفة الاقتصادية و الاجتماعية الباهظة التي أدى و يؤدي
الشعب المغربي فاتوراتها المتعددة، يبرهن عن سدادة ذلك الموقف.
رغم تكالب مختلف القوى السياسية ضدها، و رغم
سياسية القمع الاستئصالية التي نهجتها مختلف أجهزة النظام، فان منظمة "إلى
ألأمام" بقيت صامدة سياسيا و فكرية رغم التشتت التنظيمي التي عرفتها في فترات
تاريخية معينة.
لقد شكل تأسيس "النهج الديمقراطي"
سنة 1995 انبعاثا تنظيميا للحركة الماركسية اللينينية المغربية، و هكذا أصبح النهج
الديمقراطي شكلا من أشكال الاستمرارية السياسية و الفكرية لمنظمة "إلى
الأمام" و أعاد الأمل إلى المئات من المناضلين المخلصين.
بعد نضال مرير، و بفضل تضامن مكونات تجمع
اليسار الديمقراطي و تضامن مختلف الديمقراطيين الحقيقيين، تمكن النهج الديمقراطي
من فرض قانونيته دون أي تنازل من طرفه و ذالك في يليوز 2004 عشية افتتاح مؤتمره
الأول.
الحركة الماركسية اللينينية و الاستمرارية
التاريخية
لقد
تأسست الحركة الماركسية اللينينية المغربية سنة 1970 كنتاج لواقع
الصراع الطبقي السائد آنذاك، و إذا كانت منظمة "أ" ( المعروفة فيما بعد
بمنظمة "إلى الأمام" ) تعد انفصال التيار الشيوعي الثوري عن حزب التحرر
و الاشتراكية (الحزب الشيوعي سابقا ) الذي اختار قاطرة القصر، فان منظمة
"ب" ( و التي ستعطي فيما بعد "23مارس"، "لنخدم
الشعب"، "منظمة العمل"...) تشكلت اثري تجميع/توحيد العديد من
المجموعات و الفعاليات المنحدرة من تجارب مختلفة: من القوميين العرب و
البعثيين (الذين تربوا في أحضان التنظيمات الشرقية)، من الاتحاديين، من الشيوعيين... إن جذور و ظروف نشأة
التنظيمات الماركسية اللينينية هي التي تفسر استمرارية منظمة "إلى
الأمام" بدون انشقاقات (ينسحب الأعضاء كأفراد و ليس كتيارات) لأن
المرجعية الفكرية و الخط السياسي العام كانا يشكلان قناعة
مشتركة لدى جل المناضلين. أعتقل
أعضاء من الكتابة الوطنية و اللجنة الوطنية في 1972، أعتقل العديد منهم في 1974،
استشهد عبد اللطيف زروال، اعتقل جل أفراد القيادة سنة 1976... تخلى عن المسيرة عبد
اللطيف اللعبي و أبراهام السرفاتي أعمدة التأسيس، ارتد من ارتد... و رغم ذلك فان
الفكر الشيوعي لمنظمة "إلى الأمام " و اختياراتها السياسية العامة بقيت صامدة حيث يشكل اليوم
النهج الديمقراطي شكلا من أشكال استمراريتها. و في الجانب الآخر لا نجد أثرا يذكر
للتنظيمات الأخرى، و لا أحدا يتبنى ارثها النضالي رغم تضحيات مناضليها الجسيمة، و
في مقمتهم جبيهة رحال، بوعبيد حمامة...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire