الديمقراطية و السلطة و السيادة
يشكل ما تعرفه الساحة الوطنية من مناوشات، و
"تجاذبات"، و صراعات، بمناسبة انتخابات 7 أكتوبر 2016، مظهرا من مظاهر
الصراع الطبقي، لكن لا يجيب أن يحجب علينا هذا المظهر نضالات مختلف المحرومين و
المضطهدين عبر التراب الوطني (المعطلين، عمال مغرب ستيل، الفراشة، المحرومين من
الماء الصالح للشرب ، من المستشفى، من المدرسة...)، هذه النضالات التي تعكس عمق التناقضات
الطبقية و مظهرا من مظاهر الصراع الطبقي "الصافي".
في هذا الواقع السياسي-الاجتماعي، أتناول باقتضاب مفهوم
الديمقراطية في دينامكيتها التاريخية.
المنطلق
الديمقراطية الحقيقية تتلخص في شعار"السلطة
للشعب، و السيادة للشعب"، أضيف:" السلطة للشعب، و السيادة للشعب في أفق
: السلطة و السيادة للمنتجين و لمختلف المبدعين".
لا يمكن الحديث
عن الديمقراطية خارج السلطة/الحكم و السيادة
1
– مرجعية شعار "السلطة للشعب، و السيادة للشعب" لا لغيره، مرجعية
سياسية.
أ – ما معنى
الشعب؟ الشعب مصطلح
تاريخي نسبي، يحدده التناقض الرئيسي.
ب - ما هو
التناقض الرئيسي الذي يحرك الصراع الطبقي بالمغرب في المرحلة التاريخية
الراهنة؟
هو ذلك التناقض
التناحري/العدائي الموجود بين الشعب بمختلف طبقاته (الطبقات الشعبية) من جهة، و
الكتلة الطبقية السائدة المدعمة من طرف الامبريالية و المعسكر الرجعي العالمي من
جهة ثانية.
·
تتكون الكتلة الطبقية السائدة أساسا
من البرجوازية الكبيرة بمختلف شرائحها/fractions: الصناعية،
المالية، التجارية...من ملاكي الأراضي الكبار، من البرجوازية البيروقراطية المكونة
أساسا من كبار الضباط، من أطر الدولة بمختلف وزاراتها بمن فيهم المئات من الولاة و
العمال، و "الكتاب العامون" المتقاعدون، من مختلف مديري المؤسسات الاقتصادية
و المالية العمومية (أمثال المجمع الشريف للفوسفاط، ...)، من المضاربين العقاريين،
من بارونات المخدرات و تجار الجنس...الخ.
تشكل المؤسسة الملكية الأسمنت التي تقوي بنيان هذه
الكتلة الطبقية...الخ
يشكل "المنتخبون" المحليون، و مختلف الفئات
التي تستفيد من اقتصاد الريع، و الامتيازات ( agréments الخ...) و
قيادات الأحزاب و النقابات، و الجمعيات الملكية دعامة اجتماعية-سياسية للكتلة
الطبقية السائدة و امتدادات المخزن في مختلف مناطق المغرب، و هذا بغض النظر عن
وضعيتها الاجتماعية المتواضعة بالنسبة للعديد من الحالات.
·
يتكون الشعب من مختلف الطبقات الكادحة
التي تعتمد على قوة عملها (البدني أو الذهني) للعيش: الطبقة العاملة، البرجوازية
الصغيرة (مثقفة و غير مثقفة)، أشباه البروليتاريا (الملايين التي تعيش في الهشاشة:
الفراشة، المياومون...)، من مختلف شرائح المعطلين، و المهمشين (البروليتاريا
الرثة)، من الطلبة و التلاميذ...الخ.
التناقض بين
الطرفين تناقض عدائي/ تناحري. لا يمكن ضمان مصالح طرف بدون المساس بمصالح الطرف
الأخر.
جهاز
الدولة، جهاز طبقي يسهر على مصالح الطرف السائد، و يعمل من أجل إعادة إنتاج
العلاقات السائدة و ذلك عبر المدرسة، عبر المسجد، عبر مختلف وسائل الإعلام، و
خصوصا بواسطة القمع. فتاريخ المغرب المعاصر أحسن شاهد عن ما أقوله: السياسة التعليمية،
خطب الجمعة، الخطاب الوحيد الجانب في الإعلام الرسمي، القمع الدموي (الريف
1958/59، مارس 65، أولاد خليفة 70، مارس 73، ينيو 81، يناير 84، دجنبر 90....الخ،
زيادة على الإعدامات، الاختطافات....الخ).
يمكن للمؤسسة
الملكية أن تتدخل و "تفرض" على الكتلة الطبقية السائدة بعض التنازلات
الثانوية للحفاظ على الجوهر.
ينحصر دور البرلمان، و مختلف المؤسسات
"المنتخبة"، و المعينة (المجلس الوطني لحقوق الإنسان...)، في تزكية
الاختيارات الإستراتيجية في مختلف الميادين للكتلة الطبقية السائدة عامة، و
للمؤسسة الملكية خاصة.
مختلف المؤسسات التي تتحكم في الوضع الراهن
فاقدة للشرعية الشعبية، زيادة على كون المؤسسات "المنتخبة" فاقدة
دستوريا لأهم الصلاحية التشريعية و التنفيذية.
لا يمكن في
إطار الصراع الطبقي، في إطار النضال من أجل حل هذا التناقض الرئيسي، من أجل تغيير
موازين القوة، من أجل استبدال "سلطة و سيادة الكتلة الطبقية السائدة"
ب"سلطة و سيادة الشعب"، الاعتماد فقط على طبقة معينة، و لا أن ينفرد
معبر سياسي واحد لانجاز مهمة التغيير المنشود.
فلكل طبقات الشعب دورها، و بالتالي فلكل
التعبيرات السياسية الشعبية دور كذلك، بغض النظر عن المرجعية الفكرية الخاصة بكل
تنظيم. و هذا لا ينفي الصراع الفكري حول البدائل، حول استراتيجيات التغيير، حول
التكتيكات الظرفية...الخ
2
– مرجعية شعار" من سلطة و سيادة الرأسمال، إلى سلطة و سيادة العمل، مرورا
بمرحلة سلطة و سيادة الشعب". فخلافا للمرجعية السابقة، فهي مرجعية إيديولوجية
– سياسية.
في المجتمع الذي يسود فيه نمط الإنتاج الرأسمالي
(حالة مغرب اليوم)، فطرفا التناقض الأساسي يتشكل من الرأسمال/البرجوازية
الرأسمالية من جهة، ومن قوة العمال/الطبقة العاملة من جهة ثانية. و حل التناقض يتم
عبر الثورة الاشتراكية: "اجتماعية"/socialisation مختلف وسائل
الإنتاج و سيادة سلطة المنتجين و مختلف المبدعين.
و كلتا المهمتين، التغيير الوطني الديمقراطي
الشعبي، و التغيير الاشتراكي، تبقيا شبه مستحيلة في غياب أدوات التغيير من أحزاب،
جبهات، نقابات، جمعيات...الخ
و لضمان
استمرارية سيرورة التغيير، هناك ضرورة بناء التنظيمات الخاصة بالطبقة العاملة التي
تنتج خيرات هذا الوطن و هي محرومة من ثمار عملها، فهي الطبقة المؤهلة تاريخيا
للذهاب في مسيرتها الثورية نحو مجتمع تنتفي فيه الطبقات و بالتالي ينتفي فيه
استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. في مقدمة هذه التنظيمات ، حزبها الثوري المتشبع
بنظريتها الثورية، و القائد الفعلي للجبهة السياسية المناهض للاستبداد الطبقي. و
هذه هي المهمة المركزية للقوى ذات مرجعية الطبقة العاملة، المرجعية الماركسية.
و كخلاصة، فرغم الأقنعة، و
الماكياج "ألتزييني"، فان كل خطاب/موقف سياسي، يحمل في طياته بسمات
طبقية.
إن الأحزاب و النقابات و مختلف المؤسسات الأخرى،
كمكونات البنية الفوقية، تبقى في أخر المطاف انعكاسا بشكل أو بآخر لمكونات البنية
التحتية.
الأربعاء 28
شتنبر 2016
على فقير
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire