خاص
بأصدقاء الطبقة العاملة
يقول أجدادنا من
الرعاة و الفلاحين، احذروا من العواصف الرعدية (تجناو tijnaou )،
فهي لا تنفع كثيرا الأرض، لأن مياهها تكب في الأنهار و تمشي بعيدة عن المنطقة،
يمكنها أن تتسبب في جرف البهائم، و البشر، و السواقي، و تهدم الخيام و المنازل.
فهي لا تدخل إلى عمق الأرض لتستفيد منها الأشجار و تغدي منابع الماء
(العيون). يمكن أن تكون مصحوبة ب"التبروري" الذي يلحق أضرارا كبيرة ب
"الغلة"، من فواكه، و الحبوب...الخ أو يسقط "البراعم"/ les bourgeons
الفلاحون و الرحال يتمنون
سقوط الأمطار من نوع "تبيشة"، أمطار ليست بغزيرة لكن تدوم أيام
يمكن أن تصل المياه إلى أمتار
داخل التربة لتتحول إلى خزانات لشهور
عدة.
هذا ما تعلمه أجدادنا في
علاقاتهم المتعددة و المختلف مع الطبيعية.
التغيرات السياسية
تشبه (نسبيا) سقوط الأمطار.
الانتفاضات العفوية،
الغير المنظمة، رغم ايجابياتها في بعض الأحيان، لا تحل في العمق قضية الاستبداد
السياسي و لا الاستغلال الطبقي. أكثر من ذلك يمكن أن تكون مخلفاتها أكثر ضررا
للمستضعفين.
إن ما عاشته و تعيشها
شعوب العالم العربي منذ 2011، يشبه العواصف الرعدية. غمرت السيول الجارفة
العديد من المناطق، تاركة ورائها ملايين من المنكوبين، و الدمار... و تحولت العديد
من المناطق إلى ميادين الحروب المدمرة يتقاتل فيها الهمجي الماضوي و المفترس
الامبريالي، و تبقى الشعوب
عامة، و النساء ، و الأطفال و الكادحون، هم الضحية الأولى و ا لأخيرة. أشير هنا
إلى حالات سوريا، العراق اليمن، ليبيا، البحرين.
في نصائح "امزوي amzouw" (غداة وصول العروس
إلى بيت زوجها)، نصائح، أغلبيتها رجعية لأنها موجهة للزوجة فقط، يقول الأمازيغ
للزوجة: " تصرفي كالقصب ("أغانم" باللأمازيغية)، انحني أمام
هيجان/غضب زوجك، و
استقيمي فيما بعد" (ممكن تفهم هذه النصيحة لو وجهت للزوجين). و المعروف أن
القصب لا يتضرر كثيرا من سيول الأنهار الجارفة خلافا لمختلف الأشجار الأخرى.
لقد طبقت و تطبق القوى
المحافظة هذه النصيحة في تونس و مصر. جرفت مياه "العاصفة الرعدية" رمزي
الاستبداد (مبارك و بنعلي)، لكن بقيت الطبقات السائدة و نظاميها، و استعاد ممثلوها
المبادرة.
انتفاضات
شعوب العالم العربي مشروعة، لكن يجب الاعتراف بفشلها، على الأقل، المؤقت.
السبب
الرئيسي في فشل ثورات شعوب العالم العربي يرجع بالأساس إلى غياب قيادات سياسية
منظمة و مؤطرة (بغض النظر عن طبيعة مشاريعها) و إلى الطبيعة الطبقية للقوى الفاعلة
(رغم ضعفها) في الحراك الشعبي.
و في هذا المجال، أعتبر
شخصيا، (ملاحظاتي موجهة لأصدقاء الطبقة العاملة)، أن حاملي هموم الثورة الحقيقية،
ثورة الكادحين، قد فقدت أغلبيتهم البوصلة. فإذا كان ماركس و انجلز قد شخصا فلسفيا،
و اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا النظام الرأسمالي، و استنتجوا خلاصة : ضرورة الثورة على النظام
البرجوازي،
لتشييد مجتمع المنتجين و عموم المبدعين بالقضاء على المجتمع الطبقي و على
الاستغلال المصاحب له ، فان لينين قد عمق فلسفيا، و اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا، تشخيص الرأسمالية في مرحلتها
الامبريالية. و عبقرية لينين تتجلى في كونه طرح على نفسه و على
المناضلين السؤال "المحرق": ما
العمل؟،
بمعنى كيف يجب انجاز الثورة. ماركس و انجلز خلصا إلى
ضرورة الثورة البروليتارية. لينين أجتهد ليجيب على سؤال كيف يجب انجاز هذه الثورة
في الواقع الروسي: أدوات الثورة و في مقدمتها حزب الطبقة العاملة، تحالف الطبقات
الثورية (الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء)، بناء السوفيات (مجالس العمال )
لضمان نجاح الثورة و استمراريتها ("تبيشة" الأمازيغية)، طبيعة الدولة في
ارتباطها بالثورة (تحطيم مختلف أجهزة الدولة القديمة...)....الخ. كما سلك ماو نفس
المنطق في الصين الشبه الإقطاعية.
و هذا ما يفسر نجاح
ثورتين عظيمتين، الثورة الروسية بقيادة البلاشفة ، و الثورة الصينية بقيادة الحزب
الشيوعي الصيني. و مهما تكون الوضعية الراهنة في روسيا و في الصين، فان التاريخ
يسجل أنه لأول مرة ينفضون المنتجون و يستولون على السلطة. و الفشل في بناء
مجتمع شيوعي خالي من الطبقات و من الاستغلال، يبقى مؤقتا، يتطلب اجتهادات نظرية و
ممارسات سياسية جديدة...الخ
من أسباب عجز
العديد من القوى الثورية في العالم العربي، هو تحقير تجربة الثورتين الروسية و
الصينية، و عدم الاستفادة من تجربة لينين و ماو نظريا و ممارسة. فقد انحرف العديد
، و تحولوا إلى مروجي اطروحات المناشفة اليمينية التي عجزت عن تحقيق و لو تجربة
بسيطة منذ 1903 إلى حدود 2014.
لا يمكن الحديث عن ثورة
حقيقية بدون الانكباب عن مرجعية قادتها الفكرية، عن طبيعة قياداتها السياسية و
محتوى برامجها الطبقية.
لم يتردد البلاشفة عامة،
و لينين خاصة بالاعتراف بفشل ثورة 1905، مما حررهم من أوهام الانتفاضات العفوية و
"السيرورة الثورية" التي غالبا ما تفشل في تحقيق ابسط المطالب، لهذا
تحملوا مسؤولية بناء أدوات التغيير الثوري مما مكنهم من تجاوز "ثورة فبراير
1917"، و رفع شعار " كل السلطة للسوفيات" و تحقيق ثورة أكتوبر 1917
العظيمة. لم تتوقف السيرورة الثورية التي انطلقت ضد القيصر نكولا الثاني و هذا
بفضل تحالف الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء المؤطرين من طرف البلاشفة بقيادة
لينين. مما جعل العديد من المناشفة، و في مقدمتهم ليون تروتسكي يلتحقون بالحزب البلشفي
خلال صيف 1917.
إن محاولة تبخيس دوري
لينين و ماو في الحركة الثورية العالمية، و عدم الاستفادة من تجربتين عظيمتين
لتهيئ شروط انجاز الثورة المغربية، سيبعد الشيوعيين المغاربة عن مفهوم الثورة
البروليتارية.
كان لمنظمة "إلى
الأمام" وضوح تام حول مختلف القضايا النظرية المتعلقة بالمرجعية، لهذا سمت
نفسها "منظمة إلى الأمام الماركسية اللينينة المغربية".
التغيير الجدري بكل
أبعاده السياسية، و الاجتماعية، و الاقتصادية، و الفكرية في المغرب، لا يمكن أن
يأتي عبر صناديق المخزن، و لا عبر ممارسات و مرجعيات تنفي أعظم تجارب الكادحين
الثورية و دور لينين و ماو في إنجاحها. بطبيعة الحال، كتابات لينين، و ماو، و حتى
كتابات ماركس و انجلز ليست مقدسة، و الفكر الاشتراكي محتاج للاجتهاد و الاغناء على
أساس تطور الرأسمالية، و الصراع الطبقي، لكن الأسس النظرية للفكر الشيوعي تبقى
صحيحة و صالحة ما دامت الرأسمالية "حية".
على فقير، 8 دجنبر
2014
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire