حول العلاقات بين
السياسي و النقابي، و الحقوقي
يتخذ الصراع الطبقي
أشكالا مختلفة، منها ما هو بارز و منها ما هو باطني، و ترتفع حدته.حرارته أو تنخفض
حسب الظرفية و حسب بالخصوص موازن القوي و
مستوى الوعي و التنظيم و السخط
الجماهيري...الخ
إن مغرب اليوم يعيش
حراكا اجتماعيا محركه الأساسي الصراع الطبقي بين من جهة التكتل الطبقي السائد (البرجوازية
الرأسمالية المرتبطة بالسوق العالمية، ملاكو الأراضي الكبار، البروجوازية
البيروقراطية مدنية و عسكرية المتحكمة في مختلف أجهزة الدولة، المضاربون العقاريين
و الماليون، الوصوليون "المنتخبون" و كوادر الأحزاب السياسية الملكية و القيادات
النقابية، أصحاب المهن الحرة الكبار الذين
استفادوا من الفتات و من التملص من الضرائب، المتاجرون في المخدرات و الجنس،
الطفيليون الذين يعيشون من اقتصاد الريع....)، هذا التكتل مدعم في مختلف المجالات من طرف الامبريالية و الصهيونية و مختلف القوى
الرجعية العالمية و في مقدمتها ممالك البترول العربية، هذا طرف التناقض الرئيسي، و
يتشكل الطرف الثاني من مختلف الطبقات
الشعبية: الطبقة العاملة و عموم الكادحين بالأساس (الفلاجون الفقراء و المتوسطون،
أشباه البر وليتاريا المدينية، الحرفيون الصغار، الباعة المتجولون، عاملات
المنازل....) الموظفون الصغار و مختلف الفئات البرجوازية الصغيرة ( المشكلون من
مختلف المالكين لرأسمال صغير، أو مهارة، أو تكوين ثقافي...يمكنه من العيش دون
اللجوء إلى استغلال قوة العمل أو إلى بيع قوة عمله إلا ناذرا و في حدود ضعيفة...)،
المعطلون، الطلبة، التلاميذ و مختلف الفئات المهمشة و المقصية اقتصاديا و
اجتماعيا.
تشكل المؤسسة الملكية (و هي أكبر رأسمالي و أكبر
ملاك الأراضي بالمغرب) الأسمنت الذي يضمن "انسجام" التكتل السائد، و
الساهر على مصالحه العامة.
من الأشكال التي يتخذه الصراع الطبقي في مغرب
اليوم، أشير إلى الجبهات السياسية، و الحقوقية، و الاقتصادية (النقابية)، نظرا
للخلط الفكري و العملي الذي يسود في بعض
الأوسط المناضلة.
1 – النضال الحقوق: أهدافه و محدوديته.
المقاربة الحقوقية ليست في الأصل مقاربة طبقية صرفة. انه يهتم بالأساس بالحقوق
المشتركة لدى البشر: مثلا الدفاع عن محاكمة عادلة لمتهم مهما كانت
"الأفعال" المرتكبة، و مهما كان انتمائه الطبقي، و مرجعيته الفكرية، و انتمائه السياسي...
هل الحقوقي
"فوق" السياسة؟ بطبيعة لا، ثم لا. ففي التجربة المغربية، هناك
"حقوقي" يخدم في نهاية الأمر سيادة الاستبداد المخزني (مختلف المؤسسات
"الحقوقية" التي أنشأها القصر)، و هناك "حقوقي" مرتبط بالقوى
الملكية الإصلاحية (المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، العصبة...)، هناك حقوقي يركز أنشطته
على فضح الخروقات التي يقترفها النظام في
حق المواطنين ( الحقوق السياسية و المدينة)، و الخروقات التي تقترفها الدولة و
الباطرونا بمختلف شرائحها في حق العمال، و المعطلين، في حق اللغة و الثقافة
الأمازيغية...(الحقوق الاجتماعية و الثقافية)...الخ و هذا ما تقوم به الجمعية
المغربية لحقوق الإنسان منذ نشأتها، و هذا التوجه غير مرتبط بمكون سياسي واحد، بل
هي قواسم مشتركة لكافة القوى التقدمية.
إن النضال الحقوقي لا
يطرح على عاتقه مشروع الاستيلاء عن السلطة، و لا القضاء على طبقة معينة، أو عن
ملكية وسائل الإنتاج...ليس لديه مشروع سياسي واضح، فهو يدافع عن قيم و حقوق خاصة
بالإنسان كانسان. إن النضال الحقوق واجهة من واجهات المقاومة ضد الاستبداد
المخزني.
2 – النضال النقابي:
أهدافه و محدودياته.
بكل بساطة،إن الهدف الأساسي للنضال النقابي هو تلطيف شروط الاستغلال، و
ليس القضاء على الاستغلال: الزيادة في الأجور، تخفيض ساعات العمل، التصريح لدى
الصناديق الاجتماعية، توفير شروط السلامة داخل وحدات الإنتاج، الحق في الانتماء
النقابي...
هل النضال النقابي فوق
السياسة؟ لا، ثم لا. و هنا يمكن الحديث عن النقابة البيضاء
(الرجعية)، و النقابة الصفراء الباحثة عن الاتفاقات الجماعية مع الباطرونا،
المتخاذلة في المعارك العمالية الكبرى، المهادنة ليس فقط للرأسمال بل للاستبداد
المخزني (حالة ا م ش و كدش)، الغير الداعمة للحراك الشعبي (حركة 20 فبراير، حركة
المعطلين، حركات الأحياء و المداشير الشعبية....)، النقابة الحمراء التي
تربط النضال الاقتصادي بالأهداف الثورية للقضاء على أصل الاستغلال: الملكية الخاصة
لوسائل الإنتاج...و هذا النوع من النقابات لا وجود له في مغرب اليوم.
النضال
الاقتصادي واجهة الصراع ضد الرأسماليين...لكن يبقى محدودا في أهدافه، و
نتائجه.
3 – النضال السياسي:
أهدافه و آفاقه.
إن الهدف من الانخراط في تنظيم/تيار سياسي يمكن أن
يكون:
- الدفاع عن الواقع السائد، و يتشكل بالأساس هذا
الصنف السياسي من القوى المحافظة، و يدخل في هذه الخانة كل من يتبنى شعار
"الله، الوطن، الملك"
- السعي إلى إرجاع المجتمع إلى قرون مضت، و هي
قوى رجعية ماضوية، تتشكل من القوى الإسلامية المعارضة
-
تغيير الواقع و التقدم إلى الأمام بتحرير المجتمع من الاستبداد (و هنا يمكن الحديث
عن التقدمي، و الإصلاحي، و الثوري...)
فخلافا للحقوقي و النقابي، فالسياسي له مشروع
مجتمعي يهم مختلف مجالات حياة الإنسان، و مضمونه مضمون طبقي. فللحقوقي و النقابي محدوديات
limites و السياسي له آفاق بعيدة المدى،
آفاق طبقية . الحقوقي و النقابي يدخلان في خانة "الإصلاح" و لا يمسان
الجوهر. و الخطير أن يسقط المناضل في أحد الخطأين:
- احتقار النضال الحقوقي و النضال الاقتصادي و إهمال هذه الواجهة النضالية ضد
الاستبداد المخزني، و ضد بطش الباطرونا...
-
احتقار ألانخراط السياسي و العمل من أجل بناء أدوات التغيير و إشاعة الفكر الثوري،
مرتكزا في ذلك على الأبحاث الميدانية، و
التحليل العلمي ، و الاجتهاد النظري من أجل تفعيل الفكر الشيوعي في واقع التشكيلة الاجتماعية و الصراع الطبقي
بالمغرب، و اتخاذ المواقف الصحيحة و الملائمة انطلاقا من مقولة "التحليل
الملموس للواقع الملموس", فالشعارات الرنانة و الهراوات، و السلاسل، و
الخناجر، و العنف ضد حاملي الرأي المخالف ...لا يولد الثوار.
إن
تجربة منظمة "إلى الأمام" الماركسية اللينينية غنية في هذا المجال: فمنذ
تأسيسها، انخرط العديد من مناضليها في النضالي النقابي ( ا م ش)، و في الجبهة
الحقوقية (أول مبادرة لتأسيس إطار حقوقي علني بداية 1972، كان من رائها مناضلو "إلى الإمام"
و مناضلو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية)...الخ
إن
النضالات الجمعوية عامة، و الحقوقية، و النقابية، و السياسية خاصة، متداخلة،
متكاملة، لكن تبقى السيادة و القيادة للمنظور السياسي، للمنظور الطبقي.
لا
يمكن فهم شيء بدون مقاربة سياسية.
علي
فقير، في 20 فبراير 2013
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire