mardi 16 janvier 2018

الرابح و الخاسر في عملية "تعويم" الدرهم

الرابح و الخاسر في عملية "تعويم" الدرهم. بعض الأمثلة.

-         للتذكير: إن مبالغ الفواتير المتعلقة بالتصدير و الاستيراد (في حالة المغرب) مسجلة أساسا بلأورو و بالدولار.

-         سنعتمد في أمثلتنا على الأورو، و على "سعر الصرف": 1اورو=12درهم في فاتح مايو.

1 – المثل الأول:

فاتح مايو: مبلغ فاتورة تصدير الطماطم (100 طن، بسعر 000 1 اورو للطن) من طرف ملاك مغربي نحو أوروبا: 000 100 اورو (1اورو=12درهم). تاريخ الأداء، فاتح غشت (بعد3 أشهر).

فاتح غشت ، أصبح "سعر الصرف": 1اورو = 12,30 درهم (تدهورت قيمة الدرهم بالنسبة للاورو ب 2,5% ). عند "الصرف"، سيحصل الملاك المغربي على

 000 100*12،3=000 230 1

ربحه (   gain de change):

    1230000-1200000=000 30درهم

تدهور قيمة الدرهم يجني أرباحا على المصدرين، يشجع تصدير الحوامض و البواكير... مما يقلل من العرض الداخلي و بالتالي ارتفاع الأسعار بالنسبة للجماهير الشعبية، و ينزف قدرتها الشرائية.

و إذا تقوى الدرهم، فستتقلص الصادرات (نظريا)، و سيتوفر العرض مما يسبب (نظريا) في تخفيض الأسعار على مستوى السوق الداخلي.

الخلاصة: المصدرون يفضلون تدهور قيمة الدرهم، و الجماهير العكس.

2 – المثل الثاني (الواردات).

فاتح مايو، استورد موزع المحروقات 000 100 طون . قيمة الفاتورة بالأورو:  

000 000 50 (1اورو=12درهم)

عند الأداء (1 غشت )، سيدفع المستورد 000 000 50 اورو مما يتطلب

 000 000 50*12،3=000 000 615 درهم

"خسارة" المستورد (perte de change ):

    000 000 50*12 000 000 615=   000 000 15درهم.

يشكل موزعو المحروقات في المغرب لوبيا حقيقيا (حوالي 5، و تستولي إفريقيا على حصة الأسد). لذلك سيرفعون من ثمن التوزيع (كزوال، البنزين...). الأسعار محررة منذ عهد بنكيران. مما سينعكس على أسعار في جميع القطاعات، و بالتالي ستكون في نهاية الأمر الجماهير هي التي ستتحمل "خسارة" المستوردين. فهي الخاسرة الحقيقية.


 الخلاصة: مهما وقع  ل"قيمة" الدرهم في علاقاته بالتصدير و الاستيراد، فالجماهير هي الخاسرة في عملية" التعويم". فالمسألة مسألة طبقية  في نهاية الأمر.

vendredi 5 janvier 2018

أسئلة الجريدة (العدد 255) و أجوبة ضيف العدد، على فقير

    

 أسئلة الجريدة (العدد 255) و أجوبة ضيف العدد (على فقير)  

س1 - ما هي أهم محطات معركة الاستقلال وما هي مميزاتها ؟

 جواب.  ناهض الشعب المغربي منذ البداية ما سمي ب"عهد الحماية"، ومن قبله عملية تقسيم المغرب إلى مناطق ثلاثة: الشمال لاسبانيا، طنجة كمنطقة حرة"عالمية"، و الباقي لفرنسا. ففي هذا الإطار يمكن فهم ثورة الريف العظيمة بقيادة البطل عبد الكريم الخطابي، و ملحمة معركة "أنوال" سنة 1921.

  استمرت المقاومة بالأساس في المناطق الجبلية و في سهولها الشرقية إلى حدود 1934. و كان الفلاحون و الرحل أهم قوة تلك المقاومة التي كانت موجة ضد القوات الاستعمارية  و حليفتها المخزننية.

مع تغلغل الرأسمالية، برزت الطبقة العاملة المغربية، و نمى عدد سكان المدن، و وقعت تحولات طبقية جد مهمة (فزيادة على الطبقة العاملة، ظهرت فئات كادحة جديدة مرتبطة بمهن حرة...)، مما أدى إلى انتقال ثقل المقاومة من البادية إلى المجال الحضري. لقد شكلت سنوات الثلاثينات منعطفا مهما في تطور وعي الشعب المغربي: فمن جهة، دخل على الخط العديد من المثقفين الوطنيين أمثال حسن الوزاني، الذين ساهموا في نشر الوعي الوطني عبر جرائد، مناشير،نوادي...و من جهة ثانية، تحول "شكل" المقاومة من طابع "قبلي" إلى طابع "طبقي".

  هذا التطور النوعي في مناهضة الاستعمار، أعطى قفزة نوعية تجلت في إصدار "وثيقة المطالبة بالاستقلال" سنة 1944. وقد شكلت هذه القفزة الميلاد الرسمي "للحركة الوطنية".

قرار "نفي محمد الخامس"(و التي تبقى خلفياته غامضة) سنة1953 ، أجج حماس الجماهير، و لعبت خلال "الغضب الشعبي" الحركة "الوطنية" البرجوازية دورا مشبوها: التركيز على شخص "السلطان" مزكية في ذلك خزعبلات لا يقبلها لا  العلم و لا العقل مما سهل على  التحالف المكون من طرف الاستعمار، و ملاكي الأراضي الشبه الإقطاعيين(امبارك البكاي، لحسن اليوسي، المحجوب أحرضان، عدي اوبيهي...) ، و مثقفين ليبراليين (في مقدمتهم ريضا كدير)، و الأطر المخزنية (ضباط، قواد، باشوات...)، إجهاض المقاومة المسلحة( في المدينة و في البادية).

تمخض عن هذه السيرورة خلاصة "ندوة ايكس ليبان/ Conférence  d’Aix-les- Bains " المشئومة، صيف سنة 1955                                           

  فقد مرر الوفد الحكومي الفرنسي، و بكل سهولة، مشروعه الذي يحدد أسس "الاستقلال المغربي"، أي  تجاوز مفهوم الاستعمار المباشر إلى مفهوم الاستعمار الغير المباشر.   علاقات  تبعية جديدة سماه الوفد الفرنسي :                                                                         L’indépendance dans l’interdépendence  »"  ، أي ما يمكن ترجمته ب"الاستقلال في التبعية المتبادلة"، وعلى هذه الأرضية تشكلت أول حكومة "الاستقلال" يوم 7 دجنبر 1955.

س2- ما هي نقائص القيادة السياسية لمعركة الاستقلال و الأسباب لذلك؟

جواب. لقد تجلى بوضوح الضعف السياسي لقيادة معركة الاستقلال في مكونات و نتائج مفاوضات "ايكس ليبان".

 الوفد الفرنسي بقيادة الرجل القوي"ادغار فورEdgar Faure"، مدعما بوفد ضخم من الأعيان المغاربة، في مواجهة غير متكافئة لوفد الحركة "الوطنية" المكون بالأساس من المهدي بنبركة، عبد الرحيم بوعبيد، عمر بن عبد الجليل، و محمد بوسته. كان الوفد الفرنسي هو المنظم، المسير، والمكلف بالخلاصات/القرارات...

تتجلى هزالة النتائج في :

- رجوع محمد الخامس كسلطان المغرب

- مغربة الإدارة المغربية

- عدم المساس بمصالح الأعيان و مختلف المتعاونين مع الاستعمار.

- بناء مغرب "جديد" في إطار الاستمرارية المخزنية، سياسيا و فكريا، وفي إطار  الرأسمالية التبعية، اقتصاديا...الخ

  يمكن تلخيص أسباب ضعف القيادة السياسية لمعركة الاستقلال في النقط الأساسية الآتية:

- الطبيعة الطبقية للقيادة. ما كان يهم القيادة هو "خروج الاستعمار الفرنسي". لذا كانت تركز منذ 1953 على ضرورة رجوع "السلطان  الشرعي"، و مغربة الإدارة. أما قضايا الكادحين، والأراضي المسلوبة، و إشكالية الديمقراطي...فقد كانت غائبة في برامجها.

  - كان من إمكانية القيادة "الوطنية" قلب موازين القوة لو استفادت من هزيمة فرنسا بالفيتنام (سنة1954 ببيان فو)، من انطلاق الثورة المسلحة الجزائرية (نونبر1954)، من ظهور النواة الأولى لجيش التحرير و المقاومة المسلحة محليا، من المشاكل التي كانت تعاني منها فرنسا في تونس...

   كانت فرنسا في موقف لا يحسد عليه، لكن دعمها من طرف الشرائح المغربية التي استفادت من الاستعمار، و من أوساط مخزنية أخرى، هذا من جهة، و ضعف الحركة "الوطنية"، من جهة أخرى عرفت كيف تقدم هدية مسمومة للشعب المغربي.

و للتذكير فقد رفض علال الفاسي (من القاهرة) نتائج "ايكس ليبان"، و رفض عبد الكريم الخطابي من منفاه و قف إطلاق، بل طرح فكرة إنشاء جيش تحرير موحد بهدف تحرير جميع البلدان المغاربية رافضا سياسة تجزئة المعركة و "الاستقلال" بالتقسيط.

س3- ما هي الظروف الوطنية والدولية التي جعلت معركة الاستقلال تتمخض عن الاستقلال بالمغرب ولماذا سار اتجاه التحرر في بلدان أخرى مسارا مغايرا لمسار المغرب؟

جواب. فزيادة على ما قلته في أجوبتي السابقة، هناك معطيان إضافيان:

لقد بدأ يتضح لانجلترا، و لفرنسا، كأهم قوتين استعماريتين، أن الاستعمار المباشر للشعوب غير مضمون مستقبلا من جهة، و مكلف من جهة ثانية،  لذلك كان البحث عن بدائل (عبر وسائط محليا) تضمن بشكل غير مباشر، مصالحها. ويمكن اعتبار "استقلال" المغرب أول تجربة ناجحة لما يسمي ب"الاستعمار الغير المباشر أو الاستعمار الجديد".

بعد هزيمتها بالفيتنام، كانت فرنسا واعية بأن الثورة المسلحة الجزائرية هي أعقد قضية يمكن حلها بسهولة مقارنة بالمغرب، وتونس، و موريتانيا.

وهذا ما يفسر دعم الدولة الفرنسية للأنظمة التبعية الثلاثة (المغربي، و التونسي، والموريتاني)، وعدائها للنظام الجزائري.

و كخلاصة، يمكن القول، أن طبيعة "استقلال" بلد معين مرتبط بالطبيعة الطبقية لقيادة "معركة الاستقلال"، فكلما انتميت فكريا و سياسيا هذه الأخيرة إلى الطبقات الأكثر ثورية، كلما تجدر الكفاح و كلما تعاظمت مكاسب الاستقلال، خدمة لتلك الطبقات.