dimanche 15 avril 2018

المشروعية و القانونية في الصراع الطبقي.

المشروعية و القانونية في الصراع الطبقي.

(على فقير، من مؤسسي "منظمة إلى الأمام")  
  القانونية ( أو الولادة القانونية ) تحتاج إلى "شهادة ميلاد " (عند تأسيس تنظيم معين سياسي، نقابي، حقوقي، جمعوي )، و هي بشكل عام من اختصاص وزارتي العدل و الداخلية. و يمكن للوزارتين أن تسلما "شهادة وفاة" عند حل المولود.
   الشرعية لا تحتاج أصلا إلى "شهادة" الدولة. فميلاد تنظيم معين يستجيب لحاجيات الصراع الطبقي. و استمراريته أو زواله مرتبط بهذا الصراع و بسدادة اختياراته الإستراتيجية و خطه السياسي العام و تكتيكات المرحلية.
   يمكن لإطار معين أن يحصل على "القانونية" للاستفادة من بعض الإمكانيات للتواصل مع الجماهير (قاعات عمومية، مهرجانات، مؤتمرات علانية، استعمال بعض وسائل التواصل العمومية...)، و هي أشياء مهمة. لكن تبقي المشروعية التاريخية، المشروعية الشعبية هي الأسبق. و من هنا يختلف تأسيس(قانونيا ) الأحزاب و مختلف الإطارات الإدارية من طرف الدولة خارج المشروعية الشعبية، و الإطارات "القانونية " التي افرزها الصراع الطبقي و هي موجودة ميدانيا قبل تسليمها "شهادة الميلاد" أراد من أراد و كره من كره.
الكائنات الإدارية تزول مع "شهادة الوفاة " الإدارية، أما التنظيمات الشرعية فتبقى حية بأشكال مختلفة، سرية قانونيا، و علانية شعبيا.
   فتأسيس منظمة "إلى الأمام" يوم 30 غشت 1970 تم في السرية " عن القانون المخزني" لانعدام أية إمكانية للعمل العلني، و رغم عدم "قانونيتها" فهي مستمر إلى يومنا هذا عبر آلاف المناضلين من داخل النهج الديمقراطي، من داخل مختلف الحساسيات الماركسية، عبر آلاف الفعاليات الغير المنظمة. فمنظمة " إلى الأمام " مرجعية، اختيارات، مبادئ، ممارسة قبل أن تكون هياكل. منظمة "إلى الأمام " مدرسة الكفاح، مدرسة الصمود. فهي لم تحتاج "لشهادة ميلاد" و لا "لشهادة الوفاة".
   الكائن الإداري يموت مع القرار الإداري؛ و الإطار الذي يستمد شرعيته من واقع الصراع الطبقي يبقى حيا لا يفنى مع القرارات الإدارية الزجرية و التعسفية. 
 ابريل 2018

المخزن وتفريخ الأحزاب والتيارات السياسية



 المخزن وتفريخ الأحزاب والتيارات السياسية
(على فقير، مارس2018)
   يدخل ما يشهده مغرب اليوم من تفكك سياسي، و تفريخ أحزاب ذيلية، و تدخل في الصراعات الداخلية للأحزاب، من أجل نصرة الاتجاهات أكثر مخزنية و طواعية... يدخل كل هذا في الإستراتيجية المتبعة منذ الاستقلال الشكلي، الإستراتيجية التي حددت فرنسا الاستعمارية خطوطها العريضة، و تم تعميقها منذ تولى الحسن الثاني مقاليد الحكم. و يبقى هدفها الأساسي هو تمييع الصراع السياسي أمام الجماهير الشعبية لتنفر منه، و تشكيل خزان من كائنات "سياسية" يلتجئ إليها المخزن كلما أراد إيهام الشعب المغربي، و المهتمين في الخارج،  بنيته تغيير الأوضاع. كائنات لترميم واجهة "ديمقراطيته" المزيفة.
من سنة 1956 إلى سنة 1961.
توجد قبل استقلال 1956 ثلاثة أحزاب وطنية منظمة و تيار سياسي ليبرالي: حزب الاستقلال (الأقوى نفوذا)، الحزب الشيوعي، حزب الشورى و الاستقلال، و تيار المثقفين الليبراليين بزعامة ريضا أكديرة.
بدعم من فرنسا و القصر، تنظم  الأعيان (أغلبهم متعاونين مع الاستعمار) و أشباه الإقطاع (الأطلس بالخصوص) بقيادة محجوب احرضان، لحسن اليوسي، مبارك البكاي...في حزب جديد: الحركة الشعبية. تتلخص مهمتها في الدفاع عن "المقدسات الوطنية" وفي مقدمتها المؤسسة الملكية.  لقد شكلت منذ وجودها القانوني (فبراير 1959)  ورقة في يد القصر قابلة للاستعمال عند الحاجة.
 يناير1959 تم تأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بقيادة المهدي بن بركة، الفقيه محمد البصري، عبد الرحيم بوعبيد...انشقاقا عن حزب الاستقلال.
بعد منع الحزب الشيوعي المغربي، و تراجع نفوذ حزب الشورى و الاستقلال، يبقى حزب الاستقلال، و الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، و الحركة الشعبية الأحزاب الثلاثة التي كانت تِؤثث المشهد  السياسي عشية تولى الحسن الثاني مقاليد الحكم (فبراير 1961).
من سنة 1961 إلى سنة 1970.
في إطار حملته ضد الحركة الوطنية من أجل حسم الصراع لصالح نظامه، بادر الحسن الثاني (عبر ريضا كديرة) إلى تشكيل "جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية"  (الحركة الشعبية، حزب الشورى، الأحرار...)، و ذلك في إطار التهيء للانتخابات البرلمانية، ماي 1963 ، و الجماعية، يوليوز 1963.
غداة حل البرلمان و إعلان "حالة الاستثناء"، و ردا على موقف احرضان "العدائي" من ريضا كديرة، و تشجيعا من طرف القصر، انشق الدكتور الخطيب عن الحركة الشعبية و أسس "الحركة الشعبية الديمقراطية الدستورية".  كان هدف القصر هو إضعاف/معاقبة احرضان "الخادم".
بمناسبات انتخابات 1970، و أمام مقاطعتها من طرف الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، و حزب الاستقلال، التجأ القصر إلى ظاهرة "المرشحين الأحرار" من خارج الأحزاب السياسية ، و قد "فازوا" بالأغلبية، جلهم ممن اختارتهم وزارة الداخلية.
من 1970 إلى  1984
بعد تجميد دستور 1972 (الذي جاء بعد دستور 1970 وهو الدستور الثاني بعد دستور 1963)، استؤنفت "الحياة النيابية" سنة 1977، حيث تصدر "الأحرار" من جديد النتائج. و بدعم من الإدارة، تنظم "الأحرار" في حزب "التجمع الوطني للأحرار" بقيادة سهر الملك، و وزير أول سابق، احمد عصمان، و ذلك في أكتوبر 1978.
1983، في إطار التهيئ لانتخابات 1984،  و بدعم من الإدارة كذلك، تأسس "الاتحاد الدستوري" بقيادة المعطي بوعبيد، وزير أول سابق، و قد "حقق فوزا ساحقا" في الانتخابات بعد شهور على ميلاده.
ماي 1983، تدخلت الدولة لنصرة التيار اليميني داخل الاتحاد الاشتراكي  ضد يسار الاتحاد، حيث تم اعتقال العشرات من المناضلين الممانعين (بنعمرو، بوكرين....) وزج بهم في السجون.
من 1984 إلى حدود وفاة الحسن الثاني (1999)
 لمعاقبة منظمة العمل الديمقراطي الشعبي على رفضها تزكية دستور 1996، تدخلت  وزارة الداخلية لتشجيع  انقسامها، و هكذا تأسس الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
بإيعاز من محيط القصر، تم دمج بعض التيارات الإسلامية في "الحركة الشعبية الديمقراطية الدستورية" التي يتزعمها منذ 1966 الدكتور الخطيب (بنكيران، العثماني، الرميد...)
و في سنة 1998، و بتأطير وزارة الداخلية، تم استبدال اسم حزب الخطيب، باسم "حزب العدالة و التنمية".
قبل وفاة الحسن الثاني، تدخلت الدولة في انتخابات 1997 لتجعل من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أول فائز ليتولى مهام تسيير الحكومة بهدف ضمان الانتقال السلمي للملك.
بعد وفاة الحسن الثاني
خلال "العهد الجديد"، لم يتخلى المخزن عن إستراتيجية  تفريخ الأحزاب، تنصيب أمناء مطيعين، التدخل في "الانتخابات" لترتيب القوى المشاركة حسب أولوياته، محاصرة القوى المعارضة...
بعد انتخابات 2007، التي تدنت فيها نسبة المشاركة (اقل من 20 في المائة)، بادر محيط القصر إلى تأسيس حزب جديد تحت اسم "حزب الأصالة و المعاصرة" (غشت 2008). عملية تأسيس حزب مخزني جديد بدأت في الواقع قبل 2007. كان من المنتظر أن يقود "الحزب الجديد"، حكومة ما بعد انتخابات2012، لكن الزلزال الذي أحدثتها حركة 20 فبراير سنة 2011، خلط الأوراق، مما أرغم المخزن على تغيير تكتيكه المرحلى. أعلن عن دستور رجعي جديد، أجريت الانتخابات قبل الأوان بنفس الأساليب المتبعة منذ 1963، منحت الأغلبية لحزب "العدالة و التنمية" الإسلامي لاعتبارات جيو-سياسية تتعلق بالتطورات الخطيرة التي يعرفها العالم العربي و المغاربي. لقد تخلى المخزن "مؤقتا" عن ورقة "الأصالة والمعاصرة" لصالح ورقة "العدالة و التنمية".
واقع الأحزاب المخزنية في الوقت الراهن
بعد تمكن المخزن من تقزيم دور ما تبقى من أحزاب الحركة الوطنية (حزب الاستقلال، و الاتحاد الاشتراكي)، و تدجينها، تتراوح اختياراته بين "الأصالة و المعاصرة"، "العدالة و التنمية"، و "التجمع الوطني للأحرار"، و هي أحزاب ساهمت وزارة الداخلية في تأسيسها. ينحصر دور "الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، الحركة الشعبية، الاتحاد الدستوري...) في لعب دور المكمل العددي لهذا أو لذاك حسب رغبة المخزن، أو "لتزين" المشهد السياسي.
حسب العديد من المؤشرات، فان "رغبة" المخزن تتجه في الوقت الراهن نحو "التجمع الوطني للأحرار", فورقة "الأصالة و المعاصرة" أصبحت ورقة خاسرة، فمنذ فبراير 2011, جعلت الجماهير من رموزه، رموز الفساد...كما أن حزب "العدالة و التنمية"، المرتبط بتيارات إسلامية خارجية (الإخوان المسلمين...)، و بأنظمة خليجية (قطر...)، و تزمت قادته، يبقى غير مرغوب فيه. سيمر إضعافه بالأساس عبر تلغيمه من الداخل. وهذه خطة ثابتة في تعامل المخزن مع القوى السياسية، و النقابية، و الجمعوية... يبقى حزب التجمع الوطني للأحرار هو المؤهل (حاليا) ليكون "الورقة المفضلة" التي سيلعبها المخزن في المستقبل القريب...فرموز المخزن و قادة حزب "الحمامة" يلتقيان ليس فقط في عالم الاختيارات السياسية، و نمط العيش، بل وكذلك في تداخل المصالح الاقتصادية...و ولاء قادة "التجمع" ينحصر فقط في الولاء للقصر، لا لغيره.
الخلاصة
يفرخ المخزن، بواسطة وزارة الداخلية، أحزاب "إدارية"، يقويها و يضعفها حسب واقع الصراع الطبقي، حسب أولوياته المرحلية.  يتم تأسيس أغلب الأحزاب "الإدارية" عشية "الانتخابات"، و من أهداف التأسيس هو زرع الأوهام أوساط الجماهير الشعبية، لضمان مشاركتها في "الاقتراع".

 مارس 2018(نشربجريدة النهج الديقراطي، العدد 261، ابريل 2018)