jeudi 2 octobre 2014

التشكيلة الاجتماعية...الحلقة (الجديدة) التاسعة

  اعادة نشر كتيب "التشكيلة الاجتماعية و الصراع الطبقي بالمغرب"، كتب خلال 2004 من طرف على فقير

سادسا: الوضع الطبقي الراهن و آفاق الصراع

   إن التشكيلة الاجتماعية المغربية قد عرفت تحولات عميقة كما و كيفا، و إذا كانت هذه التحولات قد أدت إلى تغييرات مهمة على مستوى البنية الفوقية، فان تطور البنية الفوقية قد أثر بدوره على التحولات الاجتماعية و على البنية التحتية بشكل عام ( تطور قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج...). من أهم قوانين التطور الاجتماعي في حركته الدائمة، هو التفاعل المتبادل بين البنية التحتية، و البنية الفوقية. و من هنا تأتي أهمية الفعل الذاتي (دور التوعية، التنظيم، الصراع الفكري، تحديد الأهداف و الخطط المناسبة لبلوغها...) في التأثير على مجرى الأحداث. هناك خطئان يجب تجنبهما: الحتمية الاقتصادوية و التي يمكن أن تؤدي إلى الانتظارية التي تولد الكسل الفكري والتقاعس في الكفاح، و الارتخاء التنظيمي و التبعية في النضال... و الخطأ الثاني يتجلى في الإرادوية،  التي تؤدي إلى القفز عن الواقع، و تهميش الجماهير الشعبية في معركة التغيير، و تتناسى احدى المبادئ الرئيسية لتطور الإنسانية، و التي تتلخص في كون الصراع الطبقي هو محرك التاريخ في المجتمعات الطبقية. و لهذه الأسباب يجب التركيز على أن التغيير هو فعل الجماهير الواعية و المنظمة، و هنا يتضح الدور الطليعي للمناضلين في عملية التوعية و التنظيم في خضم الكفاح على مختلف الواجهات من أجل التأثير على مجرى الصراع الطبقي خدمة للمشروع الاشتراكي.
    سنحاول، في هدا الإطار، مقاربة الواقع الطبقي الراهن و أفاق تطور الصراعات ألواضحة منها و الضمنية.

1- التكتل الطبقي السائد:

      لم يعد اليوم ممكنا الحديث عن طبقات سائدة أو حاكمة مستقلة بعضها عن البعض.  

  إن التطور الذي عرفه المغرب خلال العقود الأربعة الأخيرة، قد أدى إلى تحولات عميقة نتج عنها تداخل وترابط مصالح مختلف الفئات و الشرائح الاجتماعية السائدة: فالصناعة تداخلت مع الفلاحة لتعطي الصناعة- الفلاحية Agro-industrie)، و ظهرت مجموعات (Holding) لتجمع بين المالي- و الصناعي، و مجموعات (مثلا: ONA) جمعت بين المالي و الصناعي و التجاري... و البرجوازية البيروقراطية التي بيضت أموال، النهب و السرقة و الرشة، في امتلاك الأراضي و مقاولات ( البناء، النسيج، القطاع ألخدماتي...)؛ و حصلت على امتيازات و رخص ( الصيد البحري، النقل، استغلال قلاع الرمال، بيع الخمور...)، كما تحول في سنوات معدودة، عدد من المهربين، و مروجي المخدرات، و تجار الجنس... إلى أناس ذوي النفوذ، معززين بدالك القاعدة الاجتماعية للحكم، كما أن العديد من الوصوليين والانتهازيين "المنتخبين"، قد تمكنوا من تسلق السلم الاجتماعي و تحولوا في زمن وجيز إلى " مقاولين محترمين"، و عززوا بذلك ركائز الحكم...

   إن الحديث عن التكتل الطبقي السائد، لا يعني طمس التناقضات ( الثانوية) التي تنخره من الداخل، و التي يمكن أن تعرف الحدة في ظروف معينة.

  إن الممثل السياسي الحقيقي للتكتل الطبقي السائد تبقى هي الدولة المخزنية، و المؤسسة الملكية هي الساهرة على جمع "شمله"، ويبقى الملك هو ناطقها الرسمي. ان هذا التكتل لم يستطيع أن يفرز إلى حد الآن من أحشائه حزبا أو أحزابا سياسية مستقلة عن الدولة ( بغض النظر عن كون الدولة جهاز طبقي يخدم بالأساس مصالح التكتل الطبقي السائد)، كما يقع في البلدان الرأسمالية المتقدمة.

   و مع ذلك، يمكن القول أن التكتل الطبقي السائد هو عبارة عن مجموعات اجتماعية تختلف من ناحية النشوء و التطور التاريخيين، وتشكل المؤسسة الملكية الاسمنت الذي يحافظ و يقوي تماسكها.

أ - البرجوازية" الحداثية": و تتكون هذه الشريحة من الرأسماليين الذين راكموا الثروات بشكل" طبيعي" ( استغلال اليد العاملة، استثمار في مشاريع اقتصادية...)، و مرتبطة بالمقاولات العصرية التي تحاول اعتماد أساليب و تقنيات حديثة، و تدبير عقلاني. إن أغلب هؤلاء قد تنظموا مهنيا في إطار الكنفدرالية العامة للمقاولات المغربية (CGEM)، التي تحولت إلى قوة ضاغطة و اقتراحية. إن هذه الشريحة تطمح بدون شك إلى تحديث الإدارة و القضاء، و إشاعة بعض القيم البرجوازية الحداثية، و اعتماد الديمقراطية البرجوازية...الا أن هذه الشريحة غير قادرة على الدفاع بجدية على هذا المنظور المتقدم لسببين أساسيين: ففي مواجهة المنافسة التي فرضتها العولمة، فإن هده البرجوازية تراهن، في محاولة التأهيل، عن مساعدات الدولة المخزنية ( الإعفاءات الضريبية، سن قوانين زجرية في حق العمال، قمع نضالات العمال المشروعة...)، كما تواجه المنافسة بمحاولة تخفيض الكلفة ( لتخفيض ثمن بيع المنتوج) بالضغط على كتلة الأجور ( التسريح، عدم احترام الحد الأدنى للأجور، عدم تأدية الساعات الإضافية، الهروب من أداء المساهمات الاجتماعية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي...)

   إن انبطاح هذه البرجوازية أمام الرأسمالية العالمية، و انكماشها في أحضان الدولة المخزنية، يجعلها في الوقت الراهن غير مؤهلة للعب دور بارز في التغيير الديمقراطيي، و بالتالي فان أية مراهنة عليها لتقدم البلاد، تبقى وهما قاتلا.

ب – البرجوازية الطفيلية و ملاكو الأراضي الكبار:

 و نعني بالبرجوازية الطفيلية، الفئات و الشرائح الآتية:

الأطر التي استغلت مواقعها في دواليب الدولة، لتنهب و تختلس، و تحصل على مختلف الامتيازات و رخص الاحتكار...

-  الساهرين على المؤسسات العمومية و الشبه العمومية، و الذين استغلوا مواقعهم و الظهائر الملكية التي عينوا بها لنهب المال العام...

الوصوليين "المنتخبين الذين استغلوا مواقعهم للاغتناء بطرق غيرمشروعة؛ و في هذا الإطار، تقول يومية "الصباح " المغربية القريبة  من ONA ( و شهد شاهد من أهلها) بمناسبة إجراء قرعة تجديد الثلث الثاني للغرفة الثانية(يوم 09/07/2003):" و في سياق الحديث الذي يدور داخل فضاء البرلمان، تتحدث الأخبار عن كون بعض المستشارين البرلمانيين يرغبون في البقاء في مجلس ذاته فالتجئوا إلى ممارسة الشعوذة، فيما تتحدث بعض المصادر عن سفر عدد من المستشارين إلى الخارج  و متابعة نتائج القرعة من ديار الغربة خوفا من أن تسقطهم كويرات القرعة، فترفع عنهم الحصانة و يلقى عليهم القبض من طرف رجال الأمن للأسباب لا تعد و لا تحصى.

و يتمنى عدد من المستشارين ألا تسقطهم القرعة، لأن الحصانة التي يحتمون بها ستسقط عنهم، و بالتالي يكونون ملزمين بدفع ما بذمتهم من ديون تشهد عليها شيكات بدون رصيد".

ت -  شرائح من اغتنوا من خلال المتاجرة في المخدرات و الجنس و التهجير...و مختلف فئات المضاربين العقاريين.

  إن هؤلاء، و بجانب الملاكين العقاريين الكبار المعفيين من أهم الضرائب من طرف الحكم، و رموز الفساد والقمع : العديد من الاطرالعليا للدولة وكبارالمسؤولين في مختلف أجهزة الجيش  و الشرطة والدرك و الداخلية... و المتحكمون في اغلب المؤسسات العمومية والشبه العمومية، إذن، يشكل كل هؤلاء، الفئات و الشرائح الأكثر رجعية في التكتل الطبقي السائد. لا يمكن لهؤلاء الا أن يكونوا معاديين لأي تطور ديمقراطي و لو كان بسيطا؛ فالديمقراطية تعني الشفافية، و تعني المسائلة، و تعني الانتخابات الحرة، و تعني المساواة أمام القانون...فاختيار الديمقراطية  يشكل بالنسبة لهم  عملية انتحارية.

  تشكل هذه المجموعات المافياوية، القوى الاجتماعية المهيمنة داخل التكتل الطبقةالسائد، و المتحكمة في مختلف أجهزة الدولة و على رأسها أجهزة القمع. وفي هذا الإطار، تبقى المراهنة على الانفتاح ألفوقي في اتجاه التقدم الديمقراطي وهما قاتلا كذلك.

ث - الدولة كجهاز طبقي: لا يمكن للدولة كإحدى عناصر البنية الفوقية ، أن تكون محايدة أو خارجة عن الصراع ، أو أن تكون فوق المجتمع. تخدم الدولة، بشكل عام، مصالح الطبقة أو الطبقات الاجتماعية السائدة، وهذا هو مبرر وجودها تاريخيا.

 فكيف تخدم الدولة المغربية مصالح التكتل السائد؟ يمكن تركيز تدخلات الدولة في النقط الآتية:

- توفير الشروط القانونية الملائمة لمصالح التكتل: مدونة الشغل المناسبة، قوانين الاستثمارات المشجعة...

- سياسة جباية تفضيلية زيادة على مختلف الإعفاءات الضريبية والتساهل مع المتملصين الكبار...

- سن ترسانة من القوانين الزجرية لحماية الرأسماليين: إمكانيات اعتقال و محاكمة العمال بمبررات واهية، و هدا في الوقت الذي يتمتع فيه عمليا البرجوازيون و ملاكو الأراضي الكبار بالحصانة الضرورية.

- تخصيص الجزء الكبير من موارد الميزانية للأجر العليا وللقطاعات المرتبطة بالدفاع و بوزارة الداخلية، و بالبلاط، و بالمصالح التي تسهر على توفير البنيات التحتية الضرورية (طرق، سدود، تجهيزات مختلفة...) لتنمية مصالح مختلف الفئات والشرائح المكونة للتكتل السائد.

- التدخل الدموي ضد الحركات الاحتجاجية، وترهيب القوى المعارضة (الاعتقال التعسفي، الاختطاف، التصفية الجسدية، المحاكمات الصورية...).

- السهر على إعادة إنتاج وترسيخ الإيديولوجية و العلاقات الرجعية السائدة (الفكر، الثقافة، العادات و القيم المتخلفة...)، مرتكزة في دالك على التعليم، و مختلف وسائل الإعلام، والمسجد...

  و في ختام هده الفقرة، يمكن أن نردد في واقعنا الراهن، مقتطفا من نشيد تلاميذ ثانوية طارق ابن زياد (بمدينة ازرو) سنة 1972:

                 "كلها تحرث الأرض كي ينعم الأثرياء

                 أثرياء

                 يستغلونها مرة بالسلاح ومرارا باسم السماء"

         ( يتحدث المقطف عن الجماهير الشعبية المستغلة)                          

2- الطبقات الشعبية:

  إن الشعب مصطلح تتغير مكوناته حسب تغير التناقض الرئيسي. ففي مغرب اليوم نعتبر أن طرفي التناقض الرئيسي يتكونان من: التكتل الطبقي السائد المدعم من طرف الإمبريالية من جهة، و الشعب بمختلف طبقاته من جهة ثانية.

  فما هي هذه الطبقات الشعبية؟

أ- البرجوازية المتوسطة:

  تتكون من أرباب المقاولات المتوسطة التي تعتمد على تشغيل يد عاملة محدودة، و يتكلف، في غالب الأحيان، الرأسمالي و/أو أفراد عائلته بتدبير شؤون مقاولته. و تتكون هذه الطبقة في البادية من الفلاحين الأغنياء الذين يستغلون اليد العاملة و يسهرون على عملية الإنتاج.

  و يمكن إدخال أصحاب المهن الحرة ( الفئات العليا منهم) في خانة البرجوازية المتوسطة نظرا لأهمية مداخيلهم: المحامون الكبار، أطباء ملاكو العيادات، المهندسون المعماريون، أصحاب مكاتب الدراسات، البياطرة، أصحاب المدارس و المعاهد الحرة...   و يمكن كذلك إدخال في هذه الخانة الموظفين ذوي الدخل العالي كبعض الأساتذة الجامعيين، و مدراء  المصالح...

  إن البرجوازية المتوسطة تتأرجح بين التكتل الطبقي السائد و بين الطبقات الشعبية، فهي طبقة تعتمد على استغلال اليد العاملة، و تطمح إلى المزيد من التراكم الرأسمالي لتلتحق بالبرجوازية الكبيرة، هذا من جهة، لكن الواقع الاقتصادي المغربي، و انعكاسات العولمة الرأسمالية، و تكالب عدة أطراف على الأراضي في البادية، يجعل مطامحها بدون آفاق من جهة ثانية.

  إن حزب الاستقلال، و الاتحاد الاشتراكي أصبحا يشكلان اليوم ألمعبرين ألسياسيين الرئيسيين لهذه الفئات والشرائح؛ و هذا ما يفسر تأرجح مواقفهما بين مساندة الجماهير في نضالها في بعض الظروف و دخولها في توافقات يخجل لها الجبين مع ممثل التكتل الطبقي السائد في ظروف أخرى.

  و قد عززت في السنوات الأخيرة الفئات العليا الرجعية الممخزنة من هذه الطبقة مواقعها داخل هذين الحزبين. ويمكن تسجيل تدخل الحكم في الصراعات الداخلية لهذين الحزبين لصالح ألأجنحة المحافظة أو الرجعية (تدخل لصالح المكتب السياسي الاتحادي في مايو 1983 وذالك باعتقال العشرات من المناضلين المعارضين للتوجه اليميني، كما فرض عباس الفاسي كأمين عام لحزب الاستقلال، و عبد الواحد الراضي كاتبا عاما للاتحاد الاشتراكي...).

   لا يمكن النظر إلى التصويت بنعم على " التعديل الدستوري " في سنة 1996، و المشاركة في " حكومة التناوب"، سنة 1998، كتوافق ظرفي، أملته الحالة الصحية للحسن الثاني، بين أهم مكونات الكتلة الديمقراطية و الحكم. إن ما وقع، و ما يقع اليوم، هو نتاج تطور تاريخي للصراع الطبقي على الصعيد الوطني، ونتاج التأثير الخارجي، و نتاج التحولات الاجتماعية التي عرفتها قواعد أحزاب الكتلة: لقد تمكنت التيارات المحافظة والمدافعة على مصالح البرجوازية المتوسطة من حسم الصراع لصالحها، خصوصا داخل الاتحاد الاشتراكي. لقد انتصرت الامتدادات المخزنية داخل هده الأحزاب. إن طروحات منظري الأحزاب الوطنية البرلمانية و الجيل الجديد من"رجال المطافئ" الممخزنين حول "الاوراش الكبرى"، و "تأهيل المقاولة الوطنية"، و خصال " العهد الجديد"، و " طي صفحات الماضي"...تعبر في العمق عن أحلام بعض الفئات من البرجوازية المتوسطة التي عجزت عن فرض بعض المكاسب عبر الصراع مع المخزن، و فضلت اليوم الهرولة نحو الفتات. وهكذا تحول " فرسان الأمس" إلى خدام و مداحي المخزن.

ب - البرجوازية الصغيرة:

   تتكون البرجوازية الصغيرة من كل الأفراد الذين يملكون رأسمالا أو أرضا أو مستوى من الثقافة أوالتكوين، أو مهارة... تسمح لهم أن يعيشوا بدون أن يستغلوا (بجر الغين) الآخرين إلا في حدود معينة و في بعض الأحيان ( وقت الحرث، أو الحصاد في البادية)، و بدون أن يستغلوا (بنصب الغين) من طرف الآخرين الا في بعض الحالات الظرفية (انظر الجزء الأول). ونجد في هده الطبقة أغلبية الموظفين، و صغار التجار، و الحرفين ، وأصحاب المقاهي "الشعبية"، و أصحاب مختلف محلات الإصلاح، والفلاحين المتوسطين...

  إن وضعية هذه الملايين تتدهور يوما عن يوم، و هي في طريق البلترة.

  تعد، موضوعيا،  البرجوازية الصغيرة طبقة تقدمية في الواقع الراهن، لعبت دورا مهما في النضال خلال العقود الأربعة الأخيرة، و شكلت القاعدة الأساسية للتيارات الثورية الاتحادية خلال الستينات و السبعينات؛ و لقوى اليسار الماركسي- اللينيني فيما بعد.

  إن طبيعة اغلب فئات وشرائح البرجوازية الصغيرة مزدوجة: فهي تملك وسائل عيشها (التشبث بالملكية الخاصة) هذا من جهة، و هي في طريق الإفلاس الاقتصادي (مؤهلة للنضال الجدري) من جهة أخرى، إن هذه الميزة تجعل منها طبقة متذبذبة يمكن أن تخون في أي وقت ممكن جبهة الكادحين.

  تشكل البرجوازية الصغيرة في الوقت الراهن (خصوصا الفئات المثقفة منها) القاعدة الاجتماعية لمختلف التيارات اليسارية.

ت- أشباه البروليتاريا:

   تتشكل هذه الطبقة من الأفراد الذين لا يملكون (أو يملكون بشكل غير كافي) ما يحميهم من الاستغلال، حيث يضطرون إلى البحث عن العمل المأجور، و يقومون بأعمال غير قارة في انتظار "الاستقرار "(الفلاحون الفقراء، الباعة المتجولون، الفراشة، ماسحو الأحذية، حراس العمارات، ملايين المياومين، الفئات الدنيا من الحرفيين...)

  و يمكن لهذه الطبقة أن ترافق استراتيجيا الطبقة العاملة، لأنها لا تملك شيئا تفقده في عملية التغيير الجدري. ستتعزز هذه الطبقة في المستقبل بالفئات الدنيا للبرجوازية الصغيرة السائرة في طريق الإفلاس، و بآلاف العمال ضحايا تسريحات الرأسمالية المتوحشة، كما سيتقوى دور هذه الطبقة بآلاف المعطلين من الشباب المثقف، ضحايا سياسة الحكم التعليمية و الاقتصادية.

ث -البروليتاريا المتشردة(أو الرثة) lumpen prolétariat

  وتتكون هذه الطبقة من كل الفئات المهمشة و" المرفوضة" اجتماعيا: المشردون، "العاهرات"، المتسولون، «الشماكرية"، اللصوص... إن النظام الاقتصادي-الاجتماعي و الثقافي و السياسي السائد هو الذي ولد و لا يزال يولد هذه الأصناف من المواطنين و المواطنات.

  تشكل هذه الطبقة جيشا احتياطيا لكل التيارات الممكنة (المدمرة بالأساس) و لأجهزة الحكم (فيالق الموت)، لكن يمكن للطبقة العاملة الواعية و المنظمة أن توجه أشباه البروليتاريا و البروليتاريا المتشردة بما يخدم التغيير الجدري.

ج- الطبقة العاملة:

* الطبقة العاملة حقيقة موضوعية:

  إن المقاولة (الصناعية و الخدماتية و الفلاحية) الخاصة، هي ملك للرأسماليين من الناحية القانونية. الرأسمالي هو من يملك جزئيا(في حالة الشركة) أو كليا(في حالة المقاولة الفردية) رأسمال مقاولة معينة. الرأسمال هو ما تم استثماره (خارج القروض) في عملية إنشاء مقاولة. إن الهدف من إنشاء المقاولة، هو تحقيق الحد ألأقصى من الربح بأقل كلفة و في أوجز وقت. 

   لا يمكن للرأسمال أن ينتج لوحده. إن عمل ألإنسان هو العنصرالاساسي في عملية الإنتاج والتسويق. و من هنا تبرز ضرورة تشغيل المواطنين الذين لا يملكون إلا قوة عملهم. فمقابل عملهم في المقاولة، سيتقاضون أجورا تمكنهم فقط من ألاستمرار في الحياة هم وأطفالهم(ضمان إعادة إنتاج قوة العمل). وقد برهنت الدراسات العلمية أن العامل، عندما يكدح 8 ساعات مثلا، فانه ينتج أجرته في أقل من ساعتين، وهكذا تبقى قيمة منتوج 6 سعات من العمل لصالح الرأسمالي.

  يقول ارنست مانديل : "و لما كان هذا الجمهور من البروليتاريين لا يملك حرية الاختيار – سوى بين بيع قوة عمله و الجوع الدائم- فهو مضطر لأن يقبل كثمن لقوة عمله الثمن الذي تفرضه الشروط الرأسمالية العادية في "سوق العمل"، أي الحد الأدنى المعيشي المقر اجتماعيا. إن البروليتاريا هي طبقة الذين يضطرهم هذا الإكراه الاقتصادي إلى بيع قوة عمله بصورة متواصلة إلى هذا الحد أو ذاك".

   إن الفرق بين قيمة المنتوج والأجرة المحصل عليها يسمى فائض القيمة، وفائض القيمة يشكل المظهر المادي لعملية استغلال العمال من طرف الرأسماليين.

  إن ألأرباح التي يتقاسمها الرأسماليون في مختلف القطاعات، وعلى مختلف المستويات، هي نتاج لعلاقات استغلالية: استغلال الرأسمال للعمل. إن تراكم الرأسمال والثروة عند البعض، يقابله المزيد من الكدح والمعانات عند ألبعض الآخر. إن المواطنين الذين يضطرون إلى بيع قوة عملهم لأصحاب الوحدات الاقتصادية، يشكلون، أحببنا أم كرهنا، طبقة اجتماعية ذات خصوصيات محددة: إنها الطبقة العاملة.

  تتشكل الطبقة العاملة من عدة فئات تختلف في بعض جوانبها(حسب طبيعة الوحدة الاقتصادية وحسب الموقع داخل تلك الوحدة…). إذن، الطبقة العاملة حقيقة موضوعية، وطبقة اجتماعية برزت كإحدى المكونات الأساسية للتشكيلات الاجتماعية مع بروز المقاولة الرأسمالية و العمل المأجور.

* الطبقة العاملة طبقة ثورية:

  إن العمال لا يملكون إلا قوة عملهم. إن ألأجرة التي يتقاضونها مقابل هده القوة لا تتجاوز حوالي 25% من قيمة ما ينتجونه، ولا تضمن لهم (خصوصا في البلدان مثل المغرب) حتى الحد الأدنى من شروط حياة إنسانية مقبولة، ولايمكن أن تضمن أي مستقبل خارج الاستغلال و الحرمان لأبنائهم. لهذا، فان الطبقة العاملة مؤهلة موضوعيا للقيام بالدور الطليعي في الكفاح من أجل مجتمع تنعدم فيه الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وبالتالي ينعدم فيه استغلال ألإنسان للإنسان.

  بطبيعة الحال، هناك طبقات و فئات اجتماعية أخرى تعاني من الوضع الحالي (الفلاحون الفقراء و المتوسطون، أشباه البروليتاريا المدينية، المعطلون، البرجوازية الصغيرة، مختلف الفئات المهمشة...) ، لكن من الناحية الاستراتيجية ، فان دور هده الطبقات وهده الفئات يبقى محدودا مقارنة مع دور الطبقة العاملة. لماذا ؟

 - إن الطبقة العاملة تنتج خيرات الوطن ولا تستفيد منها.

 - إن الطبقة العاملة تتعرض للاستغلال المباشر(إنتاج فائض القيمة).

- إن الطبقة العاملة، وبحكم تواجدها في وحدات إنتاجية عصرية، تتميز بامتلاك معرفة علمية وتقنية متقدمة ( نتيجة استعمالها للآلات العصرية...)، وبامتلاك الخبرة التنظيمية الضرورية، و بالوعي بأهمية العمل الجماعي و التضامني في مواجهة المشاكل داخل المقاولة.

 - إن الطبقة العاملة منفتحة على تجارب الكادحين عبر العالم، فهي طبقة أممية قبل كل شيء: إن معانات الكادحين لا تختلف جوهريا باختلاف الأوطان.

* الطبقة العاملة والوضع الراهن :

    فرغم التشتت النقابي الذي تعاني منه، ورغم مختلف الحواجز و العراقيل المفروضة أمام وعيها الطبقي، فان الطبقة العاملة المغربية تبقى هي أكثر صمودا أمام مختلف محاولات التدجين، و أمام زحف الرأسمالية المتوحشة، وأمام الخطاب الليبرالي متعدد المصادر والمنابع.

  إننا نلاحظ فعلا، أن الشغيلة بشكل عام، (خصوصا في قطاعات مثل، التعليم والصحة...)، وحركات المعطلين بمختلف مجموعاتها، والحركات النسائية، والجمعيات الحقوقية والثقافية...كلها تناضل، و تقاوم، لكن من الناحية الاستراتيجية، فان هده النضالات تبقى محدودة الأفق، لأن هدفها هو محاولة تخفيف من المعانات، وتلطيف شروط المعانات، وذالك بنزع بعض الحقوق المشروعة التي لاتمس جوهر النظام المجتمعي القائم. فيكفي، مثلا،  أن تزيد الدولة في أجور فئة معينة من الموظفين ليتخلى هؤلاء عن كوكبة النضال من اجل مغرب أفضل، وهذا ما لا يمكن أن يحصل للطبقة العاملة، إذا استثنينا بعض الفئات العليا "الأرستقراطية" القليلة التي تنتمي إليها جل القيادات النقابية. لماذا ؟ لأن منطق الرأسمال هو الاستغلال، و المزيد من الاستغلال لقوة العمل لمراكمة الأرباح، والمزيد من الأرباح.

  الكل يلاحظ، أن العمال يشكلون اليوم، طليعة المقاومة والصمود أمام هجوم البرجوازية المحلية والرأسمالية العالمية، كما أصبح هؤلاء العمال أولى المستهدفين من طرف مختلف آلات الدولة القمعية، التي تسهر ليلا و نهارا على مصالح التكتل الطبقي السائد، ( أحداث ولماس، معامل الرباط، سلا، تمارة، الدار البيضاء، المحمدية، القنيطرة، مناجم ايميني، الضيعات الفلاحية، الموانئ، الفوسفاط...). ويمكن التذكير فقط ببعض النضلات النموذجية، مثل نضال عمال منجم ايميني بإقليم ورزازات، والمعركة البطولية لعاملات وعمال ضيعات "la clémentine" بإقليم الجديدة خلال الشهور الأخيرة من سنة 2004.

 وقد نتج عن هده النضلات العشرات من الاعتقالات والمحاكمات الصورية، التي برهن فيها من جديد "القضاء" المغربي، عن عدم نزاهته، وعن وقوفه بجانب الرأسماليين، وبجانب ألأغنياء.

* الوعي والتنظيم النقابي:

  إن التنظيمات السياسية شبه منعدمة داخل الطبقة العاملة، كما أن نسبة التنقيب تبقى هزيلة (أقل من 10 في المائة)، لكن الحس الطبقي، رغم أنه لم يتطور بعد إلى وعي طبقي، يدفع بأغلبية العمال إلى عدم تزكية مناورات الحكم السياسية (مثل المقاطعة التلقائية لمهازل الانتخابات...). إن أغلبية العمال تلتحق بالنقابات (كغطاء قانوني) إبان معاركهم وتتخلى عنها بعد المعركة.

   يمكن تلخيص الأسباب الرئيسية لهده الوضعية الشاذة في النقط آلاتية:

- قيادة البرجوازية الوطنية (سياسيا وايديلوجيا) لنضال الشعب المغربي ضد الاستعمار.

- تردد قيادة الحزب الشيوعي الإصلاحي في اتخاذ موقف واضح من النضال

من أجل الاستقلال إبان الحرب العالمية الثانية، وعلاقاته الذيلية مع الحزب الشيوعي الفرنسي والحزب الشيوعي السوفيتي أنداك.

- تدعيم القصر للبيروقراطية المتسلطة على الحركة النقابية مند 1956.

- براعة مختلف القيادات البيروقراطية النقابية في التضليل: خطاب معارض

للحكم، وممارسات تدعم"الثوابت والمقدسات"، مطالبة الحكم بالديمقراطية في المجتمع، ونهج اللاديمقراطية والبيروقراطية في العلاقات داخل النقابات و في العلاقات مع مختلف الفئات الكادحة، و ممارسة الإرهاب والإقصاء في حق النقابيين الثوريين...

 - انعدام تصور واضح و منسجم للعمل، داخل الكادحين بشكل عام، وداخل الطبقة العاملة بشكل خاص، لدى الفصائل الثورية، و عدم استيعاب بشكل كاف العلاقة الجدلية بين النضال الاقتصادي ( و الحقوقي...) و محدوديته، و النضال السياسي و آفاقه الثورية.

- عدم تحرر المناضلين من الفكر البرجوازي الصغير المحتقر للعمل المباشر مع الكادحين، ومن المسلكيات (مثل التردد على الحانات) التي لا تسيء فقط للشخص، بل تسيء كذلك للإطارات السياسية والنقابية المناضلة التي ينتمي لها.

- ثقل الإرث الثقافي المحافظ، والخرافي، والشعوذي، ولاتكالي...في ذهن وسلوك المواطنين بشكل عام. وقد سهر الحكم، وبتزكية الكثير، على إعادة إنتاج هدا الإرث الرجعي و ترسيخه عبر التعليم، والاداعة والتلفزة والمسجد...

- إغراق المأجورين بالقروض، و هذا ما ينقص من استعدادهم النضالي خوفا من العجز على تسديد الديون الذي يمكن أن يؤدي بهم إلى السجن.

 -  فشل القيادات النقابية في التدبير العقلاني لظاهرة الفئوية التي يشجعها الحكم.

-  وقوف البيروقراطيات النقابية أمام كل المحاولات الجادة التي تهدف إلى الرفع من وعي الكادحين وتحسين مستواهم الثقافي: إن اللقاءات داخل المقرات أصبحت موسمية، وتنحصر أشغالها في مناقشة الجوانب التقنية للإضراب و الدعاية الفوقية لنقابة ما، أو لحزب ما. لقد تحولت اليوم "بورصة" الشغل (مقر المركزيات) إلى مختبرات و ورشات لإعادة إنتاج القيام و العلاقات السائدة (الولاء، التخلف الفكري...)، كما تحولت إلى ممالك صغيرة: يمارس البيروقراطيون داخل النقابات ما يمارسه مسئولو الدولة على مستوى المجتمع. يبقى المهم هو الحفاظ على المواقع و الامتيازات، وكل الوسائل التي تضمن دلك تبقى "مشروعة".

   و يمكن تفسير هدا الانحراف اليميني داخل العمل النقابي بالتحولات  الطبقية التي تعرفها لقيادات النقابية: التقاعد الإداري، التفرغ " للعمل النقابي"، احتلال أهم المواقع في الهرم النقابي من طرف المفتشين والموجهين والمخططين واساتدة السلك الثاني من فئة "خارج السلم"، ومن طرف الأطر العاملة داخل الإدارة العمومية و داخل المقاولات. إن الدخل الشهري لجل هؤلاء يفوق 10000 درهم، و هدا مهما (نسبيا)، مقارنة مع الأجور الهزيلة التي يتقاضها العمال. ومع ذلك يجب تسجيل المبادرات و المجهدات الايجابية التي يقوم بها المناضلون اليساريون من اجل تجاوز هدا الجمود النقابي. 

بعد انقسام الاتحاد الاشتراكي، و قدوم قيادة هذا الأخير على خطوة تقسيم ك.د.ش بإنشاء نقابة جديدة (ف.د.ش)، و بعد سن مدونة الشغل التراجعية، و تعميق الطابع البيروقراطي لمختلف القيادات النقابية، فان وضعية الطبقة العاملة ستعرف مزيدا من التدهور المادي، و مزيدا من التشتت التنظيمي، و هذا ما يطرح على القوى اليسارية ضرورة العمل من أجل توضيح أسباب هذه الوضعية، في إطار عملية توعية و تنظيمية على طريق بناء الوحدة النضالية القاعدية للتصدي للهجمة الشرسة التي تتعرض لها الطبقة العاملة (التسريح، ضرب الحق في الإضراب، الاعتقالات، تخفيض ساعات العمل مع ما يصاحبه من تخفيض في الأجور... ألتشتت التنظيمي...)، و هذا عمل ضروري لكنه غير كافي بطبيعة الحال، لأن الطبقة العاملة لن تصبح قوة حقيقية تقود النضالات الشعبية بدون بنائها لتنظيم سياسي خاص بالكادحين متسلح بالفكر الماركسي. و يمكن التذكير هنا بمفهوم حزب الطبقة العاملة، أي الحزب الشيوعي: هو الانصهار  (fusion)  بين الطلائع العمالية و النظرية الثورية، أي الفكر الشيوعي.

   لقد كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن " المقاولة المواطنة"، وضرورة " تأهيلها "، وعن ضرورة إيجاد " توافق بين الشركاء الاقتصاديين "... إن هدف هدا الخطاب يبقى هو محاولة تبرير الإعفاءات الضريبية، والتملصات الجبائية، و تمرير مدونة الشغل التي تضرب في العمق المكتسبات العمالية، وهو مخطط كذالك للجم و تكبيل الطبقة العاملة أمام سياسة التسريح والطرد التعسفيين لآلاف العمال، وأمام اعتقال العشرات منهم ظلما...

   إن الترويج لطروحات مثل "استراتيجية التعاقد"، و"التوافق مع القصر"، و"للملكية البرلمانية" و "للسلم الاجتماعي"...لا يمكن في نهاية الأمر لهذا الخطاب، إلا أن يساهم في إعادة إنتاج و ترسيخ ثقافة "الرموز" ، و "المشروعية الدينية و التاريخية " ، و عبادة الأشخاص ، وتبرير الاعتقال باسم "المس بالمقدسات"...

   إن الكثير من المناضلين أصبحوا سجناء الفكر البرجوازي الليبرالي الذي شكل ويشكل دائما إحدى الحواجز المعرقلة للبناء التنظيمي الذاتي للكادحين على طريق تشييد سلطة العمل، سلطة القوى المنتجة الأساسية.

ح- حالة الطلبة و التلاميذ:

  إن الموقع الاجتماعي لهذه الشريحة الاجتماعية موقعا انتقاليا، فالطلبة و التلاميذ لم يندمجوا بعد في إطار علاقات إنتاج معينة؛ لهذا يمكن إدراجهم نظريا ضمن طبقات عائلتهم و الاعتماد على مطامحهم المستقبلية كنساء و رجال الغد؛ و بما أن الأغلبية الساحقة من التلاميذ و الطلبة المسجلين في المدرسة العمومية، ينحدرون من الطبقات الشعبية، و بما أن أفاق إندماجهم في النسيج الاقتصادي يبقى غامضا، فإنهم يكونون موضوعيا جيشا احتياطيا للقوى المناضلة، خصوصا و أن لديهم مستوى تكويني مهم يساعدهم على الإلمام بسهولة بالأسباب العميقة التي تكمن وراء التدهور العام الذي تعرفه وضعية عائلتهم، و البطالة التي تهدد مستقبلهم.

  إن السياسة العامة للدولة لم تترك أي اختيار للشباب خارج الحلول آلاتية:

- الهجرة السرية المملوءة بالمخاطر (نوع آخر من الانتحار)

التعاطي للمخدرات، بكل أنواعها، و العهارة...

الارتماء في أحضان الأصولية الدينية بمختلف تلاوينها.

المساهمة الفعلية في النضال الجماهيري من أجل مجتمع ديمقراطي تقدمي يضمن للمواطنات و للمواطنين حقوقهم الأساسية: التعليم، الشغل، الصحة، السكن... حرية التعبير، حرية العقيدة، المساهمة في الانتخابات الحرة و النزيهة، حرية المراقبة و المسائلة، المساهمة في اتخاذ القرارات...

  و في هذا الإطار، يجب التذكير بالدور الرائد الذي تقوم به الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين، و مختلف جمعيات ضحايا سياسات النظام التي تساهم في تأطير جزء كبير من الشباب المعطل، و التي فرضت، و بفضل تضحيات جسيمة، على المجتمع بمختلف مكوناته، الاهتمام بهذه المعضلة.

الخلاصة العامة

  إن التشكيلة الاجتماعية القائمة اليوم في المغرب تتميز ب:

كونها نتيجة سيرورة تاريخية للصراع الطبقي الواضح و الغير الواضح، و الذي يشمل مختلف أوجه الحياة العامة من اقتصاد، و سياسة، و ثقافة...

كون أغلب الفئات و الشرائح المكونة للتكتل الطبقي السائد، لم تتطور و تتقوى انطلاقا من موقعها في البنية التحتية، و من التراكم الرأسمالي العادي. لقد استمدت قوتها، و احتلت موقعها الحالي، اعتمادا على نهب المال العام، و الاختلاس، و الاستيلاء اللا مشروع على أراضي الغير، و الحصول على امتيازات و رخص خارج القانون، و المتاجرة في المخدرات و في الاستغلال الجنسي، و من العمالة للقوى الأجنبية، و من الزبونية و المحسوبية، و من اقتصاد الريع و الاقتصاد المضارباتي... و قد تم ، ويتم كل هدا تحت حماية الدولة المخزنية.

 -استحالة أي انفتاح ليبرالي من طرف الدولة التي تتحكم فيها المكونات الأكثر رجعية في التكتل الطبقي السائد؛ لأن الانفتاح يمكن أن يؤدي إلى المسائلة حول الجرائم الاقتصادية و السياسية... التي ارتكبت في حق الشعب المغربي.

-  التفقير و البلترة التي تميز وضعية الجماهير الشعبية.

الانبطاح بدون مقاومة أمام الرأسمالية العالمية المتوحشة، و قبول شروط العولمة الرأسمالية كحتمية لا مفر منها.

بيع خيرات الوطن في المزاد العلني...

-  تقوية التواجد الأجنبي بنفس الأساليب التي استعملتها الدول الاستعمارية في آخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين والتي أدت إلى عهد الحماية سنة 1912 : إغراق البلد في مستنقع الديون ، التدخل القوي في مختلف القطاعات الاقتصادية (المالية-الصناعية-الفلاحية-التجارية-الخدماتية...)، اتفاقات " التبادل الحر" و المعاهدات العسكرية الغير المتكافئة ( مع الولايات المتحدة الأمريكية بالخصوص). كل هذا سيؤدي في نهاية المطاف، إلى نوع جديد من الاستعمار المباشر.

استمرار مقاومة الجماهير الشعبية لهذه السياسة، رغم افتقارها لأدوات التغيير الجدري.

المد الأصولي الرجعي.

-  ضعف اليسار الجذري.

-  وأخيرا يمكن القول أن الدولة المغربية لم تتغير في جوهرها بعد أكثر من القرن من الزمن:

+ البنية: السلطان( الملك)، ولي العهد، الوزراء يتقدمهم الوزير القوي: الصدر الأعظم( ألوزير الأول/رئيس الحكومة؟ أم وزير الداخلية ؟)، العامل، الباشا، القائد، الشيخ، المقدم.

+ العلاقات:

  *السلطان (الملك) و "خدام الأعتاب الشريفة".

*  الراعي و الرعايا.

نفس المقدسات و نفس العقاب لمن يمسها.

*  واجب الطاعة للمخزن (و هذا ما أكد عليه إدريس البصري في اجتماع مع ممثلي الاتحاد العام للمقاولات المغربية CGEM في بداية حكومة اليوسفي).

* أولوية الموظف على  "المنتخب".

* أولوية الموظف على المواطن.

و أمام هذه الوضعية الكارثية، فان سؤال لينين يعود من جديد إلى الواجهة "ما العمل؟ ".

 هناك جوابان لا ثالث لهما للمترددين:

    1- ركوب قطار التكتل الطبقي السائد بقيادة الدولة المخزنية: أي، ارتداء "الجلباب الأبيض والطربوش الأحمر" بكل ما تحمله هده الكلمات من معاني.

   2- ركوب قطار الجماهير الشعبية، قطار الصمود، و المقاومة، و الكفاح، والمساهمة الفعلية في بناء أدوات التغيير الثوري، و في مقدمتها حزب الطبقة العاملة المؤطر لعموم الكادحين، المتسلح بالفكر الاشتراكي العلمي. هذه هي الضمانة الوحيدة لتحقيق التغيير الطبقي و تشييد مجتمع المنتجين/ المبدعين، مجتمع ينعدم فيه استغلال الإنسان للإنسان.

-انتهى-

المراجع:

المغرب عبر التاريخ ( الجزء الثالث ) لإبراهيم حركات.

البادية المغربية عبر التاريخ: منشورات كلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط

Histoire du Maroc (Bernard Lugan)

المجلة المغربية للقانون و السياسة و الاقتصاد، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بالرباط.

les 500 plus grandes entreprises marocaines (KOMPAS)

Casablanca à travers ses petits entrepreneurs de la pauvreté   Mohammed Laoudi

الجرائد: النهج الديمقراطي- الصباح-النهار- الأحداث المغربية- بيان اليوم...

الاسبوعيات: الصحيفة-الأيام-  LE JOURNAL ...

المفكرون الاشتراكيون: ماركس- أنجلس- لينين- روزا ليكسونبورغ- ماو اتسيتونغ – مانديل – ستالين.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire