vendredi 3 août 2018

فرنسا-إفريقيا: التواجد العسكري، نتيجة قسمة الأدوار بين الامبرياليات ، تحصين الاستبداد المحلي و نهب خيرات الشعوب



فرنسا-إفريقيا:
 التواجد العسكري، نتيجة قسمة الأدوار بين الامبرياليات
، تحصين الاستبداد المحلي و نهب خيرات الشعوب
(علي فقير)
  إلى حدود السنوات الأخيرة، كانت فرنسا تعتبر إفريقيا عامة، و مستعمراتها السابقة خاصة، محميات لها بدون منازع. ولتأمين سيطرتها ، فإنها تتدخل لفرض قادة مطيعين عبر الانقلابات ألعسكرية أو عن طريق "انتخابات" مزورة (حالة أنظمة دول جنوب الصحراء)، هذا من جهة، و عن دعم و حماية أنظمة استبدادية (حالة المغرب). تندرج سياسية الاستعمار الجديد هذه، في إطار مواجهة الامبريالية للمد التحرري عامة، و حماية و تطوير مصالح فرنسا في مختلف المجالات خاصة.
  و إذا كان للمغرب و لتونس القوات الكافية لردع الشعبين (الجيش، البوليس...)حيث تكتفي فرنسا بالتدخل الغير المباشر (تكوين اطر عسكرية محلية، بناء شبكات استخباراتية، التنسيق الوثيق مع وزارتي الداخلية للبلدين...)، فإنها موجودة عسكريا في المحميات الأخرى، حيث يتدخل عساكرها مباشرة لإخماد في الدماء الانتفاضات الشعبية، و لقمع القوى المعارضة. و تبقى الجزائر أهم دولة حافظت نسبيا عن استقلاليتها تجاه مختلف الامبريالية عامة، و تجاه الامبريالية الفرنسية خاصة.
 
الاستقلال الشكلي للدول، و الحفاظ على أهم مصالح فرنسا.
   مع تصاعد مقاومة الشعوب الأفريقية ضد الاستعمار، وبعد هزيمتها في الفيتنام(معركة ديان بيان فو سنة 1954)، اضطرت فرنسا إلى قبول إنهاء تواجدها المباشر كدولة استعمارية. في أفق تسليم مقاليد السلطة "للوطنيين"، دخلت في مفاوضات مع قوى محلية لترتيب الانسحاب مع الحفاظ على مصالحها الجوهرية (حالة مفاوضات ايكس ليبان بالنسبة للمغرب صيف سنة 1955)، و ذلك خلال نهاية الخمسينات و بداية الستينات. ففي هذا الإطار يمكن فهم التواجد العسكري الفرنسي في اغلب مستعمراتها السابقة، في طار اتفاقات "التعاون العسكري، أو الدفاع المشترك" (دول جنوب الصحراء)، كما يمكن تفسير التبعية السياسة و السيطرة الاقتصادية لدول أخرى(المغرب، تونس...).
دور فرنسا في إفريقيا و توزيع المهام بين الامبريالية
  في طار محاربة المد التحرري عامة، و المد الشيوعي خاصة، تكلفت الولايات المتحدة الأمريكية ب"تأمين" أميركا اللاتينية و جنوب أسيا، و تكلفت فرنسا ب"تحصين" إفريقيا، أما "الشرق الأوسط"، فكان من نصيب الثلاثي الامريكي-الفرنسي-الانجليزي تحت القيادة الأميركية. و قد أدت شعوب هذه المناطق الفاتورة غالية: اغتيالات، انقلابات عسكرية، النهب الاقتصادي...الخ
  بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، و تراجع المد التحرري التقدمي، استمرت نفس اختيارات الامبرياليات بدعوة محاربة الإرهاب، و القضاء على الأنظمة  الغير المتشبعة بالديمقراطية بمفهومها  الغربي البرجوازي.
معطيات حول التواجد العسكري الفرنسي بإفريقيا
  يصعب معرفة عدد الجنود و رجال مختلف الأجهزة المخابراتية الفرنسية بإفريقيا، فمختلف المعنيين يبررون ذلك ب حماية "أسرار الدولة"، ب"مصلحة الأمن القومي...".
  فرسميا، يقدر حاليا عدد الجنود بعشرة ألف فرد، يتوزعون على: دجيبوتي، النيجر، ساحل العاج، الكامرون، مالي، تشاد، الكابون، موريطانيا، السنيغال، افرقيا الوسطى، بوركينو فاسو، خليج غينيا، الصومال، الطوغو، جزور القمور، كما أن هناك اتفاقات حول التعاون في ميدني "الأمن و الدفاع" مع العديد من بلدان افريقية أخرى (كونغو برازافيل، كونغو كنشسا سابقا...).
و القوات الفرنسية تلك، مجهزة بأحدث الأسلحة من دبابات، و طائرات، و مروحيات، وبوارج حربية، و شاحنات النقل، و الدراجات النارية...
  من الاتفاقات المبرمة مع الأنظمة المحلية: إفريقيا الوسطى و الغابون (سنة 1960)، ساحل العاج (1961)، الطوغو (1963)، الكامرون (1974)، غواندا (1994) كنغو برازافيل (1997-1999)...و حسب هذه الاتفاقات (الجاري بها العمل حاليا):حماية القوات الفرنسية الموجودة في البلد، مساعدة الدولة المحلية في قمع "حركات التمرد"، إعادة "السلطات الشرعية" إلى مهمة تسيير الدولة إذا وقع تغيير(انقلاب وطني).. غير مرغوب فيه.
   فزيادة على قبول قواعد عسكرية على التراب الوطني، هناك اتفاق على تواجد شخصين فرنسيين بجانب الرئيس الإفريقي: مسؤول عن المخابرات السرية، و مستشار قانوني. و يشكل هذا الأخير، المرجعية القانونية (و بالتالي السياسية و الإيديولوجية) في التشريع المحلي.
و من مهمة التواجد السكري الفرنسي كذلك، التـاطير العسكري، تدريب المحليين على استعمال الأسلحة الفرنسية، تكوين "الحرس الجمهوري"، بناء شبكات التجسس، الدفاع على المواقع الاقتصادية الإستراتيجية (ايرانيوم النيجر، حديد زويرات بموريطانيا...). و للتذكير، فقد تدخل طيران "ميراج" الفرنسي ضد جبهة البوليزاريو  بمبرر حماية حديد الزويرات. استشهد مططفي الوالي، زعيم الجبهة، في احد الغارات الفرنسية العدوانية، و ذلك سنة 1976. 
من "القوة الفرنسية Barkhane" إلى  »قوة  « G5 Sahel
  على اثر تهديد الأنظمة التابعة، و مصالحها في مالي و البلدان المجاورة (ايرانيوم النيجر...)، من طرف الطوارق و الجماعات الإسلامية المسلحة، تدخلت فرنسا عسكريا حيث شكلت قوة خاصة تحمل اسم "القوة الفرنسية بارخان"/  La force française Brakhane و ذلك سنة 2014 مشكلة من3500 فرد. و قامت بعملية عسكرية (L’opération Serval) ضخمة بمالي سنة 2013 .
و مع مرور السنوات، اتضحت صعوبات القضاء على " الجماعات الإرهابية"، و "غلاء" التدخل: مقتل أو أسر جنود فرنسيين، ارتفاع الكلفة المالية...لهذه الأسباب التجأت فرنسا أخيرا إلى تشكيل قوات جديدة تحمل اسم "قوات ج5 الساحل"/ G5 Sahel  و هي مكونة من عساكر تنتمي إلى كل من مالي، و مالي، و نيجر, و تشاد و بوركينا فاسو.
  و لضبط هذه القوة، و التحكم في المنطقة عبر جيوش و مخابرات مطيعة، فقد تم تشييد مدرسة عسكرية فوق التراب الموريتاني تحمل اسم«collège de défense» du G5 Sahel، تم تدشينها من طرف الرئيس الفرنسي ماكرون يوم 2 يوليوز 2018. هذا "الكوليج" سيمكن مستقبلا فرنسا من التحكم بشكل مباشر في المنطقة بواسطة عساكر محلية، مكونة، مدربة مؤطرة من طرف اختصاصيين فرنسيين.
الخلاصة العامة
  الوجود العسكري الفرنسي في العديد من الدول الإفريقية يبقى وجها من وجوه الاستعمار الجديد، من تقسيم النفوذ بين الامبرياليات، وجه من وجوه السيطرة الفرنسية سياسيا، اقتصاديا ثقافيا و عسكريا. و تبقى النتيجة هو فرض و دعم أنظمة استبدادية محلية، هو نهب خيرات الشعوب الإفريقية، هو إفقار الجماهير الشعبية، مما يولد الهجرة الانتحارية نحو أوروبا، أوروبا التي تتحمل الجزء الكبير من الحرمان الذي يدفع الملايين من الضحايا إلى الهروب من بلدانهم، و الدخول في مستنقع الحروب الأهلية، و في فخ الإرهاب الديني.
لا بديل للشعوب الإفريقية عن المقاومة من أجل التحرر الوطني الديمقراطي الشعبي.
يوليوز 2018

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire