vendredi 31 juillet 2015

الطبقة العاملة و الانتخابات



  حول التمثيلية الشعبية 
(علي فقير)

   الإنسان كائن اجتماعي منذ القدم. كان يعيش في مجموعات صغيرة قبل أن تتطور هذه الأخيرة إلى قبائل ثم إلى دول. كلما تطورت علاقاته مع الطبيعة في إطار الصراع من أجل الحياة، تطورت كذلك العلاقات بين أفراد المجموعة (قسمة العمل، توزيع المنتوج...)؛ و مع تكاثر المجموعات و ازدياد عدد الأفراد، و مع محدودية الثروات الطبيعية التي يمكن أن يتحكم فيها الإنسان آنذاك بالعمل اليدوي (الصيد و الرعي و الفلاحة) نظرا لمستوى تكوينه الفكري البدائي المتخلف، ظهرت الملكية الفردية (للأرض و لأدوات الصيد في البداية)، و بدأت تظهر تناقضات داخل المجموعة، نتج عنها بروز فئات اجتماعية ذات مصالح متناقضة، تطورت فيما بعد إلى طبقات اجتماعية على مستوى أوسع.
    في هذا المستوى من تطور البشرية، اتضحت ضرورة تنظيم العلاقات داخل المجموعة و داخل القبيلة و داخل الدولة، ثم العلاقات بين المجموعات ، وبين القبائل ثم بين الدول؛ و الهدف من هذا التنظيم (الذي سيصبح فما بعد مضبوطا بقوانين تلزم نظريا الجميع)، هو الحد من الصراعات بين الطبقات الاجتماعية و الفئات المكونة لهذه الطبقات، هذه الصراعات التي تجد تفسيرها في التناقضات الموجودة بين مصالح الطبقات التي احتكرت وسائل الإنتاج (مثل الأسياد، ثم الإقطاعيون،ثم الرأسماليون) و الطبقات المضطهدة و المحرومة (العبيد، ثم "الأقنان"، ثم العمال).

من التنظيمات البدائية إلى جهاز الدولة
   نظرا للأعداد المحدودة لأفراد المجموعة البدائية، و لأفراد القبيلة من بعد، فان أغلب الأمور/ المشاكل كانت تناقش و تحسم داخل تجمعات عامة و عمومية.
   لقد تطورت المجموعة البدائية، ثم القبيلة  إلى مجتمع كبير (لعبت فيه الحروب و الغزوات التوسعية دورا حاسما)، و تولد عن هذا التوسع فئات من الأفراد انقطعوا عن العمل المنتج و تخصصوا في تدبير "الشأن العام": احتراف الحرب، تحصيل الضرائب، فض النزاعات، ضمان "الأمن العام"...، و هكذا ظهر و تطور جهاز الدولة و مختلف شرائح الموظفين، و أصبحت الدولة بمختلف أجهزتها و المؤسسات المرتبطة بها " تنوب" عن المواطنين و عن المواطنات في حل أهم القضايا المطروحة.
   إن الدولة لم تكن في يوم من الأيام جهازا محايدا في الصراعات الطبقية. لقد كانت و لا تزال تخدم بالأساس مصالح الطبقات السائدة التي تحتكر وسائل الإنتاج (المعامل...) و شروط الإنتاج (الأراضي...). قد انفردت الجهات المتحكمة في أجهزة الدولة و في مختلف المؤسسات المرتبطة بها بسن و فرض القوانين التي تنظم مختلف العلاقات داخل المجتمع، هذه القوانين التي تستجيب أساسا لمصالح الأقوياء.

من الدولة الإقطاعية إلى الدولة البرجوازية
    يتميز النظام الإقطاعي و الأنظمة المشابهة له، باحتكار الأرض من طرف الأقلية (الإقطاعيون/ النبلاء/ الأسياد...) و امتلاكها كذلك للأغلبية (الأقنان، الفلاحون بدون أرض...)، و بجانب هاتين الطبقتين الأساسيتين توجد فئات أخرى تعيش من التجارة، و الصناعة اليدوية، و من بعض الأنشطة الأخرى؛ و يوجد على رأس هذا الهرم الاجتماعي شخص واحد (الملك) الذي يعتبر هو صاحب الأرض و من عليها.
    لقد واكبت الملكية نمط الإنتاج الإقطاعي و الأنظمة المشابهة له كنظام سياسي، و أصبح الحكم وراثيا ينتقل من الأب إلى الابن، و أصبحت الدولة، المرتكزة على الإقطاعيين و مليشياتهم الإرهابية، جهازا يتكلف بقمع تمردات الطبقات الشعبية (الأقنان،الحرفيين، التجار...) و جمع الضرائب و "الدفاع عن الوطن" و غزو الشعوب الأخرى...
 يحتكر الملك (أو الامبراطور) جميع السلط في الدولة الإقطاعية، و تبقى قراراته غير قابلة للنقاش، و هو غير قابل للمسائلة كيفما كانت ممارساته و مسلكياته، و يشكل أفراد المجتمع قطيعا من الرعايا فقط.

الدولة البرجوازية
   في ظل نمط الإنتاج الإقطاعي، و في ظل نظامه السياسي الملكي، تطورت المبادلات التجارية، و ازدهرت الصناعة (ارتبطت سيرورة هذا الازدهار بالاكتشافات و الاختراعات و الابتكارات العلمية و التقنية الهائلة). لقد اكتسحت الرأسمالية، أي نمط الإنتاج الجديد ، الكثير من المجتمعات. يعتمد  نمط الإنتاج الرأسمالي على العمل المأجور مما أفرز بشكل واضح طبقتين اجتماعيتين جديدتين: البرجوازية الرأسمالية التي تحتكر أهم وسائل الإنتاج من جهة، و الطبقة العاملة من جهة ثانية، و تتكون هذه الأخيرة   من الذين يضطرون إلى بيع قوة عملهم لضمان الاستمرار في الحياة رغم الهشاشة...
    إن التوسع الحضري، و ارتفاع نسبة سكان المدن، و التطور السريع للرأسمالية (بفضل تراكم فائض القيمة الناتج عن استغلال العمال من طرف البرجوازيين الرأسماليين)، و بروز ظاهرة الهجرة القروية (الهروب من بطش الإقطاعيين و البحث عن العمل المأجور)، لقد دعمت كل هذه العوامل مكانة البرجوازية على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي، و شكلت الأسس المادية لازدهار ثقافة "الأنوار" بأوربا، لكن، سياسيا، بقيت البرجوازية بعيدة عن الحكم.
    في إطار مناهضة هيمنة الإقطاع، ظهرت إلى الوجود عدة تيارات فكرية متحررة نسبيا من الفكر الخرافي. لقد همت هذه الحركة مختلف مجالات الفكر: الثقافة، الاقتصاد، السياسة...و ساعدها في ذلك التطور العلمي و التقني الذي صاحب جدليا نمو الرأسمالية.
   في هذا الواقع الجديد، طرح المفكرون البرجوازيون الليبراليون ضرورة القضاء على الدولة الإقطاعية (و على الملكية كنظام سياسي) و تشييد الدولة العصرية (الجمهورية). و هكذا تمكنت البرجوازية الصاعدة في العديد من البلدان من تجنيد و قيادة مختلف الطبقات الشعبية، باسم الديمقراطية المبنية على الحرية و المساواة أمام القانون...للإطاحة بالنظام الإقطاعي.
  و رغم أن بعض  هذه البلدان احتفظت بالملكية (مثل انجلترا)، إلا أن هذا النظام بقي شكليا فقط ( مثل الديكور)، لأن السيادة الفعلية أصبحت بأيادي المنتخبين.
    إن القضاء على الإقطاع هو نتاج سيرورة ثورية طويلة استغرقت عدة قرون، تمكنت خلالها البرجوازية من قيادة مختلف الطبقات الشعبية، و وحدت نضالاتها حول شعارات مثل:الديمقراطية (الشعب يحكم نفسه بنفسه)، الجمعية العمومية (أو البرلمان) المنتخبة، المساواة بين المواطنين أمام القانون، التضامن الاجتماعي، حرية المبادرة، حرية المعتقد، العلمانية...
 ترتكز الجمهورية البرجوازية بشكل عام على المبادئ الآتية:
- وجود الدستور كأسمى قانون: يتم انتخاب مجلس تأسيسي يهيئ مشروع دستور  يعرض على الشعب لمناقشته و اغنائه قبل الاستفتاء العام الحر و النزيه.
- المساواة بين جميع المواطنين (رجال و نساء بعد صراع مرير)  في  الحقوق و الواجبات.
- ينتخب رئيس الدولة ( رئيس الجمهورية...) من طرف الشعب عبر الاقتراع العام.
 -  ينتخب أعضاء البرلمان (أو الجمعية العمومية...) بشكل حر و نزيه.
  - يعين الوزير الأول (أو رئيس الحكومة) من داخل الأغلبية البرلمانية.
- يختار الوزير الأول وزراء حكومته
- من مهام البرلمان، مراقبة و محاسبة الحكومة و رئيس الدولة
- استقلال السلط الثلاثة واحدة عن الأخرى: السلطة التشريعية (البرلمان)، السلطة التنفيذية (الحكومة)، و السلطة القضائية ( العدالة بشكل عام).
    و الملاحظ أن هده المبادئ قد تختلف و تتغير من بلد إلى أخر،  و قد تتناقض معها الممارسة الفعلية .

المشروع الاشتراكي
لقد شكلت الجمهورية البرجوازية في تاريخ الإنسانية، ثورة تقدمية مهمة نظرا لما كانت تعاني منه الجماهير الكادحة في ظل النظام الملكي الاستبدادي؛ و إذا كانت الديمقراطية البرجوازية ترتكز بالأساس على مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، و على الاقتراع العام كأسلوب لاختيار القادة السياسيين، فان هذه الديمقراطية لم ترق بعد إلى مستوى تحرير الإنسانية من الاستغلال و الاستلاب و القضاء على الطبقات الاجتماعية.
أ –  المستوى السياسي: أصبح البرلمان إطارا للتوافق بين مختلف الفئات البرجوازية على حساب مصالح الكادحين.
ب –  المستوى الاقتصادي: تفاقم استغلال قوة العمل، و تقوت البرجوازية الاحتكارية، و تم تهميش فئات شعبية واسعة، و انتشر الفقر و البؤس...
ت – المستوى الدولي: لقد تفشت ظاهرة الاستعمار المباشر و الغير المباشر، حيث أنتجت الرأسمالية في مرحلتها الاحتكارية، الامبريالية التي عانت و لا تزال تعاني منها مختلف الشعوب، و إشعال حروبا مدمرة...
    لقد صاحب بروز الرأسمالية ظهور تناقض جديد في المجتمع: التناقض بين البرجوازية الرأسمالية التي لا يهمها إلا "الاستثمار" من أجل الربح و تراكم الثروات، و الطبقة العاملة التي تنتج خيرات الوطن و لا تستفيد منها بشكل كافي؛ و هذا ما يفسر مقاومة الكادحين للاستغلال، و ظهور تيارات فكرية جديدة و في مقدمتها الفكر الاشتراكي الماركسي، و قد لعبت هذه التيارات دورا أساسيا في نقد النظام الرأسمالي و في الدعوة إلى ضرورة تجاوزه على طريق بناء نظام جديد، نظام يسهر على تسييره الكادحون/المنتجون و مختلف المبدعون، و هذا النظام لا يمكن أن يكون إلا اشتراكيا، ينعدم فيه ا استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، و تنعدم فيه الطبقات الاجتماعية، و تسود فيه العدالة بمفهومها الحقيقي.
  يمكن تلخيص بعض المبادئ الاشتراكية في النقط الآتية:
- الهدف الأساسي للاقتصاد هو تلبية حاجيات السكان و ليس الربح.
- القضاء على احتكار وسائل الإنتاج من طرف الأقلية، و بالتالي القضاء على الاستغلال الطبقي.
- ضرورة تحكم المنتجون/الكادحون في وسائل الإنتاج، في عملية الإنتاج و في التوزيع العادل للثروة.
- تشييد "جمهورية"/سلطة مجالس الكادحين.

الطبقة العاملة و الانتخابات
     يشكل تشييد الديمقراطية المبنية على الاقتراع العام الحر ، و لو بشكلها البرجوازي، تقدما هاما في تاريخ الإنسانية. و قد تمكنت الطبقة العاملة في العديد من البلدان الرأسمالية ، و بفضل نضالاتها و ضغوطاتها، أن تفرض على البرلمانات سن قوانين متقدمة (مثل قانون الشغل)، و هذا ما يفسر مساهمة الكادحين في الانتخابات التي تجري في تلك البلدان.
   فما هي الوضعية في المغرب؟
    تتميز مختلف التجارب الانتخابية  التي عرفها المغرب منذ 1962 بالظواهر الآتية:
- لقد جرت كلها في إطار دساتير غير ديمقراطية.
- لقد جرت على أساس لوائح مغشوشة تستعملها وزارة الداخلية للتحكم في النتائج.
- يتم تقديم مساعدات مالية من الخزينة العامة للأحزاب التي تقبل المشاركة في انتخابات غير نزيهة و بعيدة كل البعد عن الديمقراطية.
- تدعم السلطة المرشحين المطيعين.
- يتم تزوير نتائج الانتخابات بشكل مفضوح أو متستر.
- يحتكر الملك على مستوى القمة كل الصلاحية الأساسية و يتحكم في مختلف السلط، و من طرف الولاة، و العمال على المستوى الإقليمي، و يتم كل هذا على حساب صلاحيات "المنتخبين". فالمنتخبون بعيدون كل البعد عن هموم الجماهير الشعبية عامة، و عن هموم العمال و العاملات خاصة. ففاقد الشيء لا يعطيه.
     في غياب استقلال السلطة التشريعية عن الجهات النافذة، يبقى البرلمان جهازا ذيليا للمخزن يعمل حسب توجيهات القصر، و ناديا للوصوليين و " لرجال الأعمال"، و للملاكين العقاريين، و لمختلف السماسرة و المضاربين .
    و في غياب استقلال المجالس الجماعية عن أجهزة وزارة الداخلية، تبقى هذه المجالس صورية، تشتغل حسب توجيهات الولاة و العمال و تحت رحمة البشوات و القواد، و سجناء ابتزاز الشرطة و الدرك الذين يورطونهم في ملفات الرشوة، و العهارة، و المتاجرة في الممنوعات...الخ
 و قد رأينا في السنوات الأخيرة كيف تلتجئ الجماهير إلى تعيين ممثليها خارج "المنتخبين" لطرح مشاكلها مع الجهات المعنية (سيدي افني، سكورة - بولمان، بني ملال، تنغير، خنيفرة، الحسيمة، بوعرفة، الأحياء الشعبية ...)، كما تلتجئ إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، و إلى لجن التنسيقيات  المناهضة لارتفاع الأسعار للنضال من أجل حياة كريمة (بوعرفة، العرائش، المحمدية، الحسيمة، صفرو، ميسور...)
 إن الانتخابات البرلمانية و الجماعية بالمغرب لم ترق بعد إلى مستوى الديمقراطية البرجوازية، إنها مجرد مسرحيات يحاول من خلالها الحكم المغربي تزيين و جهه البشع أمام الرأي العام الخارجي، إنها عمليات تضليلية تقوم بها الدولة المغربية و مختلف السماسرة السياسيين و "أصحاب "الشكاير" لإيهام الجماهير الشعبية بإمكانية تحسين الأوضاع دون اللجوء إلى المقاومة من أجل التغيير الجدري.
  إن البرلمان و المجالس "المنتخبة" و الدولة و الباطرونا و ملاكي الأراضي الكبار و المضاربين العقاريين و مختلف الانتهازيين في واد، و الجماهير الشعبية في واد آخر.
 لا مكان للعمال و للعاملات، و لكل الكادحين داخل هذه المجالس الممسوخة.

الخلاصة:
    ماذا يمكن أن يربحه الكادحون من المشاركة في مثل هذه الانتخابات؟ لا شيء.
 إن المشاركة في مثل هذه الانتخابات تعني تزكية التزوير، و إعطاء الصلاحية للعديد من السماسرة و اللصوص و المستغلين لنهب خيرات الوطن، و تشجيع الدولة المخزنية في سياستها المعادية لمصالح الكادحين، و لمصالح كل المهمشين و المضطهدين.
إن المشاركة في الانتخابات المغشوشة التي  تشكل في الواقع عملية نصب و احتيال على الجماهير  مرفوضة مبدئيا و منبوذة أخلاقية.
    لقد قاطع النهج الديمقراطي، و عن حق، مختلف الانتخابات السابقة، لأن هذه الانتخابات لا تهم إلا الدولة و مختلف السماسرة، و بعض المتوهمين (عن حسن النية) بإمكانية تغيير الأوضاع من داخل المؤسسات "المنتخبة" الفاقدة أصلا للشرعية الشعبية. فالنهج الديمقراطي، الحامل لهموم الكادحين، لم  إلى حد الآن عن الإغراءات المخزنية، و لم يسقط في مستنقع الانتهازية و الوصولية. إن الحق في التعليم العلمي المجاني لأبناء و لبنات الشعب، و الحق في التطبيب المجاني للمرضى، و الحق في الشغل للبالغين و للبالغات سن العمل خارج الرشوة و المحسوبية و"المعارف"، و خارج الوسائط المشبوهة، و خارج الابتزاز، و الحق في التنظيم السياسي و النقابي و الجمعوي، و الحق في التعبير و التظاهر...كلها حقوق تنتزع بالنضال و الكفاح الجماهيري، الواعي و المنظم.
  لا يمكن للديمقراطيين الحقيقيين، لقوى التغيير، أن يطعنوا يطعن من الخلف الجماهير الشعبية التي تظاهرت و تتظاهر في مختلف أرجاء المغرب، في طار حركة 20 فبراير أو خارجها، من اجل إسقاط الاستبداد، من أجل الديمقراطية الحقيقية، من أجل الكرامة...
 بطبيعة الحال، المشاركة أو المقاطعة ليست بمبدأ قار. الموقف من انتخابات معينة مرتبط بالجواب على السؤال الآتي: ماذا ستجني الجماهير الشعبية من تلك الانتخابات؟ في إطار موازن القوة الحالية، تبقى المشاركة في الانتخابات المخزنية مجرد عملية بيع أوهام لتك الجماهير.  
 فلندم أوفياء لشهداء الحركة الثورية المغربية عامة، و لشهداء منظمة "إلى الأمام"، و حركة 20 فبراير خاصة.

 على فقير
(مساهمة مكتوبة في 2009 و تم تحيينها في  29 غشت2014)

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire