dimanche 24 août 2014

بمناسبة ذكرى تأسيس منظمة "الى الأمام" المجيدة: حول الحزب


بمناسبة ذكرى تأسيس منظمة "الى الأمام" المجيدة
******
من شهداء الحركة الماركسية اللينينية المغربية: عبد اللطيف زروال، سعيد المنبهي، أمين التهاني ("الى الأمام")، جبيهة رحال ("23 مارس")، منتصر البريبري 
("لنخدم الشعب")


 
                           
                           
                                   
 




1970، سنة التحول 

عرف المغرب خلال سنة 1970 صراعا طبقيا حادا، و غليانا سياسيا عاما.
 و من ابرز ما عرفته تلك السنة:
-  اضرابات تلاميذية عامة
- اضرابات طلابية عامة: إضراب وطني سياسي ضد زيارة لوبيز برافو، وزير الخارجية الاسباني للمغرب، في إطار مؤامرة مشتركة بين النظامين ضد حقوق الصحراويين المشروعة.
- انتفاضة العيون المجيدة (يونيو 1970) و اختطاف محمد البصيري، مجهول المصير إلى حدود الآن.
-اضرابات عمالية مهمة (الإضراب البطولي اللامحدود لعمال و عاملات لاسافط -  LA SAFT  كمثال)، انتفاضات فلاحية (انتفاضة/مجزرة فلاحي اولاد خليفة كمثال).
- مناظرة افران المشؤومة (مارس 1970).
- ميلاد الكتلة الوطنية.
- مناهضة "دستور صيف 1970" (عارضته الكتلة و صوت ب لا، و قاطعه الاتحاد الوطني لطلبة المغرب).
و أمام عجز المعارضة التقليدية المكونة أساسا من مكونات الحركة الوطنية، و أمام انبطاح قيادة حزب التحرر و الاشتراكية (الحزب الشيوعي سابقا)، و أما تفاقم الأزمة داخل الحركة الاتحادية (الصراع بين جناح الدار البيضاء اليميني الذي كان يتزعمه عبد الله ابراهيم و المحجوب بن الصديق، و بين جناح الرباط الوسطي الذي كان يتزعمه عبد الرحيم بوعبيد، وبين الجناح الثوري الذي كان يتزعمه الفقيه محمد البصري)، لم يبقى أمام الثوريين المتشبعين بفكر الطبقة العالمة، الفكر الشيوعي، إلا تشكيل تنظيمات جديدة، تنظيمات ثورية، تنظيمات ماركسية لينينية، مستقلة عن التيار الشيوعي العالمي الملتف حول الاتحاد السوفياتي، و عن التيار التروتسكي. هكذا برزت منظمات 23" مارس"، "إلى الأمام"، و   "لنخدم الشعب" (ب، أ، و ج).
إن ميلاد الحركة الماركسية اللينينية، يبقى قبل كل شيء نتاج الصراع الطبقي المحلي، و أغلب مؤسسي هذه الحركة انحدروا من أوساط شعبية.
فمهما حاول العديد من الأوساط، بما فيها "رفاق" الأمس، طمس حقائق تاريخية، و تشويه مواقفها، و تقزيم دورها، فان الحركة الماركسية اللينينية المغربية لعبت دورا رائدا في الصراع الطبقي، في فضح نظام الحسن الثاني الاستبدادي... أعطت دروسا في الصمود و المقاومة...و هي مستمرة اليوم كفكر، كممارسة، و ذالك رغم التعتيم و التحريف (يمينيا و يسراويا)، رغم محاولة نزع اللينينية عنها من طرف البعض، و تشويه مواقفها بالثرثارة "الثورية" الغوغائية من طرف بعض الآخر.
44 سنة بعد نشأة الحركة الماركسية اللينينية، تبقى طروحاتها صحيحة في جوهرها. لا يمكن إلا أن نستحضرها اليوم في إطار واقع الصراع الطبقي و متطلبات التغيير، مع الاجتهاد النظري لفهم التجربة، لتحديد مكامن الضعف، لتقوية مكامن القوة، و خصوصا لتدقيق مهام المستقبل، دون السقوط في الإحباط المثقفي و الهرولة وراء حاملي مشاريع رجعية ماضوية، و دون الهروب من الواقع المعقد و التستر وراء الثرثارة "الثورية" التي "تفوج عن النفس" لكن لا تقدم الصراع الطبقي في شيء.
على فقير(24 غشت 2014) 
 ********
لماذا حزب الطبقة العاملة؟
علي فقير  ( لقد سبق أن نشرت هذه المقالة)
يوجد اليوم في المغرب (قانونيا) أكثر من 30 حزب سياسي، فماذا تمثل هذه الأحزاب؟
فمن الناحية الكمية، يمكن القول أن هذا العدد الكبير من الأحزاب لا تؤطر مباشرة أكثر من 000 500 شخص (أقل من 2 في المائة من البالغين و البالغات سن 16 سنة، أي القابلين و القابلات للانخراط السياسي)، و أن نسبة الفئات البرجوازية و البرجوازية الصغيرة (حضرية و قروية) تشكل أكثر من 80 في المائة من المتحزبين. تبقى  بطبيعة الحال هذه الأرقام  نسبية و تقديرية في غياب معطيات موضوعية أكثر دقة.
ماذا تمثل هذه الأحزاب من الناحية السياسية و الفكرية؟
الجواب عن هذا السؤال مرتبط بتحليل موضوعي  لمحتوى برامج مختلف الأحزاب، لمرجعيتها الفكرية، و لممارستها في الصراع السياسي و النقابي و الثقافي...و هذا ما يتطلب عمل جاد و معمق،  و متابعة  مستمرة للتحولات الداخلية لكل حزب.
 مهما كان حزب، كبير أو صغير، فانه يحمل في خطه السياسي، و في مرجعيته، و في ممارسته اليومية بصمات طبقة اجتماعية معينة. إن ما يهمنا في مقالتنا هذه، هو الجواب على: هل هناك حزب سياسي يعبر فكريا و سياسيا و تنظيميا و ممارسة عن مصالح الطبقة العاملة؟ و يمكن طرح هذا السؤال/التسائل بشكل أوضح: هل يوجد اليوم بالمغرب حزب شيوعي، حزب ثوري للطبقة العاملة؟ و للجواب عن هذا السؤال يجب التذكير ببعض القضايا النظرية المرتبطة بالطبقة العاملة.

 أولا. المفهوم الماركسي للطبقة الاجتماعية.
"إن ما نقصده بالطبقات هي مجموعات كبيرة من البشر تتميز من  بعضها بحسب الموقع الذي تحتله في نظام إنتاج اجتماعي محدد تاريخيا و كذلك بحسب ما لها من علاقات بوسائل الإنتاج و هي علاقات تضبطها و تكرسها قوانين معينة في أغلب الأحيان و كذلك بحسب دورها في التنظيم الاجتماعي للعمل أي حسب الطرق التي تحصل بها على الثروات الاجتماعية و ما تحوزه منها. إن الطبقات هي مجموعات من الناس يستطيع بعضهم ابتزاز عمل الآخرين لا لشيء إلا أنهم يحتلون موقعا متميزا في بنية معينة من الاقتصاد الاجتماعي. إن الواضح هو أن إلغاء الطبقات نهائيا لا يتطلب مجرد الإطاحة بالاستغلاليين و الملاكين العقاريين الكبار و الرأسماليين أو إلغاء ملكيتهم، بل يجب كذلك إلغاء كل أشكال ملكية وسائل الإنتاج و ردم الهوة بين المدينة و الريف و بين العمال اليدويين و المثقفين..."
Lénine :La grande initiative, 1919, œuvre 29, p 425
(عن معجم الماركسية النقدية، ص  848  )
يمكن تحديد الانتماء الطبقي بالارتكاز على العناصر الأساسية الآتية:
ا- العلاقات بوسائل الانتاج: هل يمتلك الفرد وسائل الإنتاج التي يشتغل بها/فيها أم لا؟
ب – الموقع داخل علاقات الانتاج: هل يستغل (بكسر الغين)الفرد الآخرين أم لا ؟ و هل يستغل (بفتح الغين) من طرف آخر أم لا ؟
ت – الموقع داخل الهرم الإداري – ألتسييري – ألتدبيري: هل للفرد مكانة مهمة في موقع القرارات المتعلقة بسياسات المقولة / المؤسسة أم لا ؟
ث – أهمية الدخل : يشكل مستوى الدخل، مقارنة بمستوى ألأجور (في حالة المقاولة الرأسمالية مثلا)، و مقارنة بالمعدل العام للمداخل على صعيد المجتمع، عنصرا مهما في تحديد الانتماء الطبقي أو الفئوي...
يشكل العنصران الأولان المقياس الأساسي في عملية تحديد الانتماء الطبقي في مجتمع تسود فيه المقاولة الرأسمالية الخاصة، كما يشكل العنصران المواليان المقياس الرئيسي في عملية تحديد الانتماء الطبقي في المقاولات/المؤسسات العمومية و في واقع سيادة علاقات "رأسمالية الدولة". و في هذا الإطار لا يمكن تصنيف مدراء المقاولات و المؤسسات العمومية و الخاصة المغربية، و كذلك مختلف اطر الدولة العليا، إلا في خانة الطبقات السائدة، لأنها تحتل المناصب الإستراتيجية في إطار قسمة العمل، و تتصرف في وسائل الإنتاج كفئة الرأسماليين/الملاكين العاديين رغم أنها لا تملك قانونيا هذه الوسائل. و بشكل عام، يمكن أن نقول أن العناصر الأربعة تبقى في غالب الأحيان متداخلة و متكاملة.
  يبقى كل هذا تعريفا عاما، يعتمد الاتجاهات الأساسية، و على الباحثين و  المناضلين الاجتهاد في الحالات و المعطيات المرتبطة بالواقع الملموس.

ثانيا.الطبقتان الأساسيتان في نمط الانتاج الرأسمالي 
أ – البرجوازية الرأسمالية:
 تتكون من كل مالكي وسائل الإنتاج (صناعيا، فلاحيا، خدماتيا) الذين يعتمدون أساسا على استغلال قوة العمل في عملية الإنتاج المادي و/أو الخدماتي من أجل السوق بهدف تحقيق أقصى ما يمكن من الربح (عن طريق تحويل   فائض القيمة إلى واقع مالي أو مادي بواسطة التسويق).
ب – الطبقة العاملة:
 تتشكل من الذين لا يملكون للعيش إلا قوة عملهم يبعونها للرأسماليين في إطار الإنتاج الرأسمالي، و تختلف الطبقة العاملة على مختلف الطبقات الكادحة الأخرى بكونها مرتبطة بوحدات إنتاج عصرية، و بالاستقرار النسبي في العمل، خلافا لفئات المياومين، و الفلاحين، و الحرفيين الصغار، و مختلف شرائح البرجوازية الصغيرة المثقفة منها و اليدوية.
 إن العمل هو العنصر الأساسي في عملية الإنتاج و التسويق. يتقاض العمال مقابل عملهم في المقاولة أجورا تمكنهم فقط من الاستمرار في الحياة هم و أفراد عائلتهم (ضرورة إعادة إنتاج بشكل أوفر قوة العمل الرخيصة). إن الأجرة التي يتقاضها العامل لا تتجاوز عامة 25 في المائة من قيمة منتوج عمله، و هكذا يستحوذ الرأسمالي على 75 في المائة المتبقية و التي تحمل اسم فائض القيمة. إن فائض القيمة يشكل المظهر المادي للاستغلال الرأسمالي. ان تراكم الرأسمال عند ألأقلية، لا يقابله إلا المزيد من الكدح و المعانات و الحرمان عند الأغلبية الكادحة.
 زيادة على هاتين الطبقتين الرئيسيتين توجد طبقات و فئات أخرى خصوصا منها الكادحة: المياومون، الباعة المتجولون، خادمات البيوت، الفلاحون الفقراء و المتوسطون، الصناع التقليديون، و مختلف فئات البرجوازية الصغيرة الكادحة، أي التي تعيش أساسا من عملها.
ثالثا. لماذا يشكل العمال طبقة ثورية؟
   - إن العمال لا يملكون إلا قوة العمل. إن الأجرة التي يتقاضونها مقابل عملهم لا تشكل أكثر من 25 في المائة من قيمة ما ينتجونه في الوحدة الرأسمالية، و هي غير كافية لتوفير شروط حياة إنسانية مقبولة، و لا يمكن أن تضمن أي مستقبل لأطفالهم خارج الاستغلال و الحرمان إن لم نقل خارج البطالة. إن الطبقة العاملة مؤهلة موضوعيا للقيام بدور طليعي في الكفاح من أجل مجتمع تنعدم فيه الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، و بالتالي ينعدم فيه استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
- إن الطبقة العاملة تنتج خيرات الوطن و لا تستفيد منها.
- إن الطبقة العاملة  تتعرض للاستغلال المباشر (إنتاج فائض القيمة)
- ان الطبقة العاملة بحكم تواجدها في وحدات عصرية تتميز بامتلاك معرفة علمية و تقنية متقدمة (نتيجة استعمالها للآلات المتطورة)، و بامتلاك الخبرة التنظيمية الضرورية ، و بالوعي بضرورة العمل الجماعي التضامني في مواجهة مختلف المشاكل داخل المقاولة.
- إن الطبقة العاملة منفتحة على تجارب الكادحين عبر العالم؛ فهي طبقة أممية قبل كل شيء (إن معاناة الكادحين لا تختلف باختلاف الأوطان).
رابعا. لا تحرر بدون الحزب المستقل للطبقة العاملة
أ – الوعي و التنظيم الطبقين:
   إن الامتدادات الحزبية داخل الطبقة العاملة المغربية شبه منعدمة اليوم، كما أن نسبة المنخرطين من العمال داخل النقابات لا يتعدى 10 في المائة، و رغم هذا الواقع المر فان الحس الطبقي، رغم عدم تطوره إلى وعي طبقي، يدفع بأغلبية العمال إلى مقاومة بطش الباطرونا، و التصدي لسياسة التراجع عن المكتسبات، و الكفاح من أجل نزع مكتسبات جديدة، كما كان هذا الحس الطبقي وراء عدم تزكية العمال (المقاطعة التلقائية للانتخابات مثلا) لمناورات الحكم و لديماغوجية الأحزاب البرجوازية .
  إن الوعي الطبقي (سيرورة تحول الطبقة العاملة من "طبقة في حد ذاتها إلى طبقة لذاتها") في علاقة جدلية متداخلة  و دائمة مع سيرورة بناء تنظيم خاص يمكنها من فرض نفسها كقوة  مستقلة، مهيمنة، طليعية، و كقوة ثورية.
ب – النضال الاقتصادي/النقابي و محدوديته.
    إن النضال الاقتصادي، و الانخراط النقابي ممارسة أساسية للكادحين و الكادحات، حيث تمكنهم من  فرض تحسين ظروف  العمل  و من انتزاع بعض المكاسب، و التصدي الجماعي لخروقات الباطرونا و فضح بطشها، و التنديد بمواقف الدولة المساندة للرأسماليين. يشكل  النضال الاقتصادي  المنظم و الانخراط النقابي الواعي مدرسة حقيقية للعمال و للعاملات في ميادن التضامن، و التنظيم، و المقاومة الجماعية، و عنصر أساسي في تطور الوعي الطبقي بضرورة  النضال السياسي و الايديلوجي و تشييد حزب مستقل للطبقة العاملة و عموم الكادحين.
  فزيادة عن الأخطاء التاريخية للحزب الشيوعي المغربي قبل و بعد "استقلال 1956" (الموقف المتذبذب من النضال التحرري خلال الأربعينيات، الذيلية للحزب الشيوعي الفرنسي ثم للحزب الشيوعي السوفياتي، الموقف من الملكية، الارتكاز على كبار الموظفين و اطر المؤسسات العمومية و الشبه العمومية و تهميش الفلاحين الفقراء و العمال الذين كانوا يتواجدون بالمئات في صفوف الحزب....)، فان الحركية النقابية المغربية كانت تتجاذب بين طرحين برجوازيين رئيسيين لم و لن يخدما مصالح الطبقة العاملة، و قد شكل الطرحان عائقا خطير أمام تجذير هذه الحركة، و أمام تصليب التنظيم النقابي و توسيع قاعدته، و أمام تطور الوعي الثوري للكادحين و الكادحات.
 يحاول الطرح الأول جعل النقابة ملحقة خاصة بالحزب، و ذلك من أجل فرض هيمنة الفئات العليا المثقفة من البرجوازية الصغيرة على الطبقة العاملة، نقابيا و سياسيا و فكريا ، و قد كان هذا الطرح وراء تأسيس كدش و فدش و مدش... أما الطرح الثاني فقد حاول و يحاول تحييد تعسفيا دور الطبقة العاملة في الصراع الطبقي الدائر، سياسيا و فكريا باسم " الذي يهم العمال و العاملات هو النضال من أجل الخبز و الخبز فقط" بمفهومه الضيق، و تشكل "القيادة التاريخية " ل ا.م.ش  المنظر الرئيسي لهذا الطرح الخطير.
    لا يمكن تجذير النضال الاقتصادي، و لا بناء حركة نقابية جماهيرية ديمقراطية صلبة و مكافحة، و لا يمكن بناء أدوات التغيير الجذري (الحزب الثوري، الجبهة الطبقية المناهضة فعلا للكتلة الطبقية السائدة، حركة نقابية مكافحة، التحالف العمالي الفلاحي...) بدون الصراع الفكري ضد الطرحين. فنضالنا ضد العدو الرئيسي لا يمكن أن يمنعنا من فضح طروحات و ممارسات القوى البرجوازي التقدمية المعادية للفكر الشيوعي ، فكر الطبقة العاملة.
  إن أقصى ما يمكن أن يحققه النضال الاقتصادي (أو النضال النقابي) هو تلطيف شروط الاستغلال، و ليس القضاء على الاستغلال، و من هنا تجئ ضرورة انخراط الطبقة العملة كطبقة ذات مشروع خاص في النضال السياسي من أجل مجتمع أفضل، مجتمع عادل، مجتمع يسود فيه المنتجون/المبدعون.
ت – الحزب المستقل للطبقة العاملة، ضرورية تاريخية.
    يمكن تعريف الحزب البروليتاري ب الانصهار بين الطلائع العمالية المكافحة  و الفكر الشيوعي؛ فبدون الثنائي،النظرية الثورية و القاعد العمالية يبقى الحزب في أحسن الأحوال حزبا برجوازيا صغيرا في تركيبته، في ممارسته و في أهدافه الإستراتيجية. يمكن اعتبار حزب الطبقة العاملة ارقي شكل تنظيمي لوعيها كطبقة.
 و مما جاء في القوانين الأساسية للأممية الأولى "...إن البروليتاريا لا يمكن أن تواجه السلطة الجماعية للطبقات المالكة على أساس طبقي إلا إذا انتظمت هي نفسها في حزب سياسي مميز، مناهض لسائر الأحزاب القديمة التي كونتها الطبقات المالكة؛...إن اتحاد البروليتاريا هذا في حزب سياسي هو أمر ضروري لضمان انتصار الثورة الاجتماعية و تحقيق هدفها الأسمى: أي القضاء على الطبقات؛...إن اتحاد القوى العمالية المتحقق في الصراع الاقتصادي يجب أن  تستخدمه هذه الطبقة كأداة لها في  نضالها ضد السلطة السياسية لمستغليها....إن تحرك الطبقة العاملة على المستوى الاقتصادي و نضالها السياسي يشكلان، في الحالة النضالية لهذه الطبقة، وحدة لا تنفصم".   فالحزب- الوعي/التنظيم، هو ذلك "الوعاء الذي تنصهر فيه الممارسة و النظرية"، هو تلك الأداة التي بدونها لن تتمكن الطبقة العاملة من قيادة جبهة الطبقات الكادحة في نضالها ضد الكتلة الطبقية السائد المكونة أساسا من البرجوازية الكبرادورية المرتبطة بالامبريالية و الصهيونية،  و من الملاكين العقارين الذين شردوا ملايين الفلاحين ، و  ضد المافيا المخزنية و كل من يدور في فلكها.
 ث – مميزات حزب الطبقة العاملة
   إذا كان الحزب البروليتاري، ذلك البناء التاريخي، محكوما في تكوينه بالواقع الملموس للتشكيلة الاجتماعية و الصراع الطبقي بمختلف أشكاله، فانه يبقى في تطور دائم، وفي  ديناميكية داخلية و خارجية مستمرة بايجابياتها و سلبياتها.
  يمكن تركيز أهم مميزات حزب الطبقة العاملة في النقط الآتية:
تشكل الماركسية  مرجعيته الايديلوجية
تشكل مصلحة الكادحين عامة و مصلحة الطبقة العاملة خاصة المرجعية التي تحدد خطه السياسي العام
تندرج ممارسته/مواقفه التكتيكية في إطار إستراتيجية التغيير الجذري.
يتشكل أعضائه من العمال الطليعيين، و من الكادحين المكافحين (من فلاحين فقراء و أشباه البروليتاريا...) و من المثقفين الشيوعيين، المثقفين العضويين.
ج – حزب الطبقة:المثقف الجماعي.
 و حتى يتصلب الحزب، و يتحول مجتمعيا إلى أداة التأطير و الهيمنة، و يضمن سياسيا و تنظيميا قيادة الطبقة العاملة لجبهة الكادحين في أفق التغيير الثوري، فانه ملزم بالقيام بمهمة " المثقف الجماعي" عبر الدعاية و التحريض بالأساس.
............ ...
 ............ .
 ح- اليسار الماركسي المغربي و حزب الطبقة العاملة.
فرغم سياسة الاستئصال التي نهجها النظام المخزني ضد الحركة الماركسية اللينينية المغربية منذ   1972، و تكالب  بعض القوى الإسلامية و البرجوازية، و رغم ردة البعض من الذين ساهموا في تأسيس هذه الحركة حيث تحولوا إلى خدام القصر، فان المناضلين الماركسيين متواجدون اليوم في قلب مختلف النضالات،  وعلى مختلف الجبهات و  بين طلائع المقاومة الشعبية. هذه حقيقة لا يمكن لأي كان أن ينفها.
  إن مختلف التنظيمات الماركسية ( وفي طليعتها النهج الديمقراطي)، و مختلف الأنوية و الفعاليات الماركسية الأخرى، تطرح على نفسها مهمة بناء حزب الطبقة العاملة و عموم الكادحين، إلا أن هذا المشروع النبيل بقي إلى حد الآن بعيدا عن المنال، و هذا ما يتطلب اجتهاد نظري و سياسي، و تقييم الممارسة من أجل تجاوز المعيقات.
 و في هذا الإطار لابد من الإشارة إلى ضرورة تفادي التأثر بالطروحات الخاطئة و التي يمكن تركيز بعضها كالآتي:
- فقدان البوصلة الايديلوجية تحت تأثير الفكر البرجوازي بمختلف تلاوينه. إن جوهرا لماركسية نتاج نمط الإنتاج الرأسمالي ، نتاج صراع الطبقة العاملة ضد  البرجوازية الرأسمالية، فلا يمكن الحديث عن تجاوز الفكر الماركسي في ظل استمرار جوهر هذا النمط و لو بشكل رأسمالية الدولة؛ بطبيعة الحال يبقى اغتناء ( و ليس تجاوز) الفكر الماركسي انطلاقا من الواقع الملموس ، و انطلاقا من تطور النظام الرأسمالي نفسه ( و هذا ما فعله لينين في روسيا، و ماو تسي تونغ في الصين...) شيئا ضروريا، فالجمود و التقديس لا يوجد إلا في الديانات.
- الانتظارية باسم الواقعية. لا يمكن بناء حزب الطبقة العاملة إلا في خضم الصراع الطبقي بكل أشكاله.
- المقاربة السوسيولوجية: ادعاء بأن حزب الطبقة العاملة هو حزب العمال فقط.
- احتقار النضال الاقتصادي/النقابي باسم الثورية
- رفع شعارات تحريضية غير ملائمة للواقع، شعارات تبعد عن الحزب الكادحين أكثر مما تقربهم منه، و هذا دائما باسم الثورية. لقد أبرز القادة الشيوعيون على الدوام الربط الجدلي المتين بين الممارسة و النظرية و التنظيم.
  فمساهمة جميع مكونات الحركة الماركسية في سيرورة بناء حزب الطبقة العاملة شرط من شروط تحقيق هذا المشروع النبيل؛ فالنهج الديمقراطي لا يدعي أكثر من هذا.
 خ – مفهوم المركزية الديمقراطية
 لقد قامت التيارات البرجوازية، و كل أعداء اللينينية بحملة مسمومة ضد أهم المبادئ التنظيمية التي سطرها لينين في عدة كتاباته، و مارسها الثوريون عبر العالم، و حملتها هذه التيارات مسؤولية فشل العديد من التجارب و في مقدمتها تجربة ثورة أكتوبر 1917 المجيدة، و حرفوا و شوهوا محتوى مفهوم المركزية الديمقراطية .؛ لهذا نرى ضرورة إعادة الاعتبار لهذا المبدأ  الذي يبقي أساسا بجانب مبادئ أخرى مثل النقد و النقد الذاتي، و  مبدأ : الوحدة – النقد – الوحدة.
     *  الديمقراطية الداخلية. يمكن تركيز محتوى الديمقراطية الداخلية في النقط الآتية:
- لكل مناضل و مناضلة الحق التام في المشاركة الفعالة في بلورة مواقف الحزب محليا و جهويا و وطنيا.
لكل مناضل و مناضلة الحق في المساهمة في العملية المستمرة لاغتناء المرجعية النظرية انطلاقا من واقع الصراع الطبقي وطنيا، و من الاجتهادات الماركسية أمميا.
- لكل مناضل و مناضلة الحق في النقد ألرفاقي  لمواقف الحزب، و ذلك في الإطارات الداخلية التي يعمل في إطارها، و عبر الوسائل الداخلية المخصصة لذلك.
   ويمكن التأكيد على أن هذه الحقوق هي في نفس الوقت واجبات ؛ فبدون المساهمة الواعية و المنظمة في بلورت المواقف، و في اغتناء المرجعية، و في الدفاع الهادف عن وجهات نظر المختلفة (داخليا)، وفي المساهمة الفعالة في أنشطة دعائية و تحريضية، و في عملية التوسع التنظيمي و التجذر داخل الطبقة العاملة و عموم الكادحين، فبدون كل هذا سيبقى دور الأعضاء ناقصا، و مسيرة الحزب متعثرة.
- لكل مناضل و مناضلة الحق في المطالبة (داخليا) بتقييم مردودية الممارسات الجماعية و الفردية، و نتائج المواقف والمبادرات السياسية و التنظيمية التي تقدم عليها مختلف الأجهزة التنظيمية.
- لكل مناضلة و مناضل الحق في الترشيح لتحمل المسؤوليات التنظيمية و ذلك انسجاما مع قوانين الحزب الداخلية.
 * المركزية.
يمكن تركيز مفهومنا للمركزية في النقط الآتية:
- مركزة الأجهزة القيادية لمقترحات و أراء و مواقف التنظيمات الجهوية و المحلية  لاتخاذ عند الضرورة  القرارات و المواقف المناسبة على أساس مبدأ الأغلبية.
- مركزة الأجهزة الوطنية لخلاصات و مقتراحات و توصيات مختلف الندوات المحلية، الجهوية، القطاعية، الوطنية... لتفعيل ما يمكن تفعيله، و لتعميم الفائدة على المناضلين و المناضلات من أجل تطوير ايجابيا مواقف الحزب، و تصليب تنظيماته، و  توسيع دائرة إشعاعه، و اغتناء مرجعيته الفكرية...
- من صلاحية الهيئات القيادية المنتخبة اتخاذ المواقف الضرورية و المبادرات المناسبة  بشرط أن لا تتناقض هذه المواقف و المبادرات مع الخط السياسي العام، و مع الاختيارات التي حددها أخر مؤتمر، و من واجب الأجهزة التحتية، و المناضلين و المناضلات تفعيلها مع ضمان حق الجميع في مناقشتها و تقييم نتائجها في الإطارات التنظيمية الخاصة بذلك
* المركزية الديمقراطية.
  يوجد مفهوما الديمقراطية و المركزية في تفاعل دائم، يصعب تصور واحد بدون الآخر: فالديمقراطية بدون مركزة لا يمكن إلا أن تؤدي  إلى الفوضوية، و العفوية، و التشتت التنظيمي و إضعاف القدرات  الجماعية الكفاحية  للحزب، و إلى فقدان البوصلة الإستراتيجية؛ و المركزة بدون ديمقراطية تنتج البيروقراطية، و تقزم دور المناضلين و المناضلان و دور التنظيمات القطاعية، الجهوية  و المحلية، و تولد الإحباط الداخلي، و تساعد على انتشار مختلف الممارسات السلبية، و على تنامي الاختلالات التنظيمية.
 و يمكن تركيز مفهوم المركزية الديمقراطية في النقط الآتية:
- ضمان مشاركة الجميع في تطوير ايجابيا الخط السياسي للحزب
- ضمان مساهمة الجميع في اغتناء المرجعية الفكرية للحزب
- توفير الشروط الضرورية لمساهمة الجميع في بلورة الأشكال (و تحديد الوسائل) الدعاية و التحريضية لضمان التوسع التنظيمي، و التجذر داخل الطبقة العاملة و عموم الكادحين.
- توفير الشروط الضرورية للمناقشة و الصراع الداخلي الديمقراطي
- ينضبط الأفراد للجماعة
- تنضبط الأقلية للأغلبية لضمان الممارسة الواعية و المنظمة و الموحدة.
- تنضبط الأجهزة السفلى للأجهزة العليا
- ينضبط الكل لمقررات المؤتمر
تشكل الديمقراطية و المركزية طرفي تناقض جدلي يمكن لأحدهما أن يكون رئيسيا في ظرفية معينة قبل أن يصبح ثانويا في ظرفية أخرى: ففي العمل السري و خلال الأزمات الثورية... تتحول المركزية إلى الطرف الرئيسي للتناقض، أما في الظروف التي تشبه واقعنا اليوم، فان الديمقراطية تبقى الطرف الرئيسي.

                                   الخلاصة        
لا وجود اليوم لحزب شيوعي مغربي. هناك تنظيمات يسارية و في مقدمتها النهج الديمقراطي تتبنى بشكل أو بأخر الماركسية كمرجعية ايديلوجية، و تعمل جاهدة من أجل المساهمة الفعالة في سيرورة بناء حزب الطبقة العاملة و عموم الكادحين، هذا البناء الذي لن يتحقق فقط بالرغبات الذاتية، بل يتطلب:
- المزيد من الوضوح الفكري (الاستيعاب أكثر للفكر الشيوعي مع اغنائه من الواقع الطبقي المغربي، و الاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى بايجابياتها و سلبياتها).
- المزيد من الصراع السياسي و الفكري ضد الاختيارات الرجعية، و ضد الانحرافات البرجوازية الصغيرة (يمينية كانت أو يسراوية) و ضد الانهزامية و الانبطاحية و المخزنة.
-- الاجتهاد فكريا و ممارسة لانجاز عملية الانغراس وسط الطبقات الكادحة عامة، و داخل الطبقة العاملة خاصة؛ فبدون تأطير الطلائع العمالية، سيبقى الحزب المنشود و التغيير الجذري الضروريان حلما مثاليا لا أكثر، و سنبقى سجناء العمل الشبيبي و في دائرة البرجوازية الصغيرة رغم ما لهذا العمل من الأهمية. يجب أن يندرج العمل في هذه القطاعات في اطار إستراتيجية التجذر وسط الطبقة العاملة. 
على فقير
                              

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire