mercredi 14 octobre 2015

حول أزمة "سامير"، أكتوبر 2015

  مقال ل على فقير، نشر بجريدة النهج الديمقراطي العدد 202، أكتوبر 2015

"أزمة سامير"، برهان على "لصوصية" عملية الخوصصة

  إن ما أصبح يطلق عليه بأزمة شركة سامير يتعدى و بكثير، الحدث العادي المتعلق بإفلاس مقاولة نتيجة لتراكم الديون، أو لصعوبة تسويق المنتوج، أو نتيجة سوء التسيير....الخ
   أسباب/جذور الأزمة سياسية قبل أن تكون مالية/مديونية، تجد تفسيرها في اختيارات النظام، في تبعيته للتوجهات الاقتصادية الليبرالية السائدة في العالم، لتنفيذ توصيات المؤسسات المالية الخارجية، لتفويت أهم الوحدات الاقتصادية للخواص...الخ
فالمسؤولية تتجاوز المفترس السعودي، الذي شيد  إمبراطورية اقتصادية عبر العالم، معتمدا "النهب ألريعي"، فالمسؤولية سياسية يتحمل فيها النظام المغربي عامة، و الحسن الثاني خاصة، الجزء الأكبر.
    من هنا يتوجب مناقشة "أزمة سامير" في عمق أسبابها، و تحديد المسؤوليات، ليست فقط المتعلقة بمالك الشركة و الساهرين على التدبير/التسيير، بل المرتبطة بالنظام السياسي السائد و اختياراته الاقتصادية الليبرالية، و ارتباطاته الخارجة، و تطبيقه لوصفات المؤسسات المالية الامبريالية.
أولا: نبذة تاريخية
   تأسيس شركة "سامير" SAMIR (الشركة المجهولة الاسم المغربية الايطالية للتكرير، ثم الشركة المجهولة الاسم المغربية للصناعة و التكرير)، هو نتيجة لمشروع اقتصادي وطني، متحرر نسبيا، مشروع حددت خطوطه العريضة أول و أخر حكومة وطنية بقيادة عبد الله ابراهيم، حكومة لم تعمر طويلا (4 دجنبر 1958، 21 ماي 1960).
  تأسست "سامير" بمبادرة مشتركة لمكتب الدراسات والمساهمات الصناعية(BEPI) المغربي والشركة الايطالية التابعة للمكتب الوطني الايطالي للمحروقات (ENI) على قاعدة 50 في المائة للدولة المغربية، و 50 في المائة للشركة الايطالية.  
   تكونت الخالية (العقل المفكر) المكلفة بالاختيارات الاقتصادية من عبد الرحيم بوعبيد، وزير الاقتصاد، و مساعديه ابراهام السرفاتي، عزيز بلال، و محمد لحبابي، الثلاثي الشيوعي. بعد حذر الحزب الشيوعي المغربي، و تردد الحكومة في عدة قضايا مصيرية، استقل السرفاتي و بلال، فالوقت الذي التحق فيه لحبابي بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية.
تمت مغربة "سامير" سنة 1973، حيث أصبحت ملكا للدولة مائة في المائة.

ثانيا:إهداء سامير لمجموعة كرال (  (Corral السعودية
 لقد تمكنتا شركة "سامير" و "الشركة الشريفة للبترول/ SCP  بسيدي قاسم الوطنيتين،  من تلبية كافة حاجيات البلاد من المحروقات (تكريريا و توزيعيا)، و وفرتا مناصب الشغل مهمة، و ذلك إلى حدود بدء خوصصتهما سنة 1996
   بدأت الخوصصة بإدراج  30% من أسهم "سامير" في برصة القيم بالدار البيضاء سنة 1996،  فتفويت  67,27%  (سنة 1997) من رأسمال الشركة إلى مجموعة (كورال بتروليوم)، لصاحبها السعودي، الشيخ محمد حسين العمودي، أحد أكبر أثرياء العالم (تقدر ثروته ب 11 مليار دولار امريكي سنة 2015)، يقطن رسميا في مدين جدة السعودية.
و قد تخلت الدولة المغربية فيما بعد على ما تبقى في ملكيتها (حوالي 6% ).
    بأمر من الحسن الثاني فوتت (في الحقيقة أهديت) الشركة للسعوديين بقيمة 3 و نصف مليار الدرهم   3,5milliards de dirhams ، تبعتها فيما بعد "الشركة الشريفة للبترول" بقيمة 473 مليون دره. ستندمج فيما بعد هذه الأخيرة في "سامير".
لم تكن هناك دواعي لبيع "جوهرة" الاقتصاد المغربي التي تعد أهم منجز صناعي بالبلاد في عهد الاستقلال الشكلي.
  ففي سنة 1996، عشية خوصصة الشريكتين، فقد حققت "سامير" ربحا بقيمة حوالي 506 مليون درهم، و الشريكة الشريف للبترول ربحا بقيمة حوالي 180 مليون درهم.
إذن لا علاقة للمردودية أو سوء التدبير بخلفية الخوصصة.
  
ثالثا: مالك شركة "سامير" لم يلتزم  بالتزاماته
  بعد تعيين حكومة "التناوب" سنة 1978، و مغادرة  عبد الرحمان سعيدي منصبه كوزير "الخوصصة و المؤسسات العمومية"، تقلد منصب المدير العام لشركة "سامير"، التي سهر على تفويتها للمجوعة السعودية بأمر من الحسن الثاني، كما تكلف مكتب للدراسات مرتبط به بحسابات الشركة، هذا ما فتح له الباب للاغتناء السريع.
  و إذا تمكنت مجموعة كورال السعودية من استرجاع في ظرف وجيز مبلغ التفويت (حوالي 4 مليار درهم) فإن نتائج خوصصة  شركة "سامير" ، تعد كارثية بالنسبة للمغرب، و تكذب بالملموس كل ما قيل من طرف المدافعين على "تحرير الاقتصاد"، و تفويت المؤسسات العمومية للخواص ""القادرين" وحدهم على التدبير العقلاني، و خلق فرص الشغل، و تحقيق مردودية عالية...الخ من طراهات المنظرين و السياسيين البرجوازيين الليبراليين.
1 – على المستوى الاجتماعي
  عند تفويتها، كانت "سامير" تشغل حوالي 2300 مأجور  في إطار "العقد لمدة غير محدودة"/ CDI، زيادة على العديد من الغير المرسمين. اليوم انخفض العدد الأول إلى حوالي 1000 مأجور، و ارتفع ضحايا هشاشة الشغل بشكل صاروخي، حيث يتم استغلال آلاف العمال عن طريق شركات المناولة و الوساطة في شروط خارج محتوى مدونة الشغل (على علتها) تنعدم فيها أبسط حقوق الإنسان.
2 – على المستوى الاقتصادي/ المالي
  لم توف المجموعة السعودية بالتزاماتها في مجال الاستثمار لتطوير طاقاتها الإنتاجية، رغم الارتفاع المستمر لطلب السوق الوطنية، و رغم استفادتها من القروض السهلة (البنك الشعبي، التجاري وفاء بنك...)، و عدم دفع الضرائب للدولة، في مقدمتها الضريبة الداخلية على الاستهلاك/TIC .
  فزيادة على عدم إعادة استثمار أرباحها في المغرب  و إخراجها "قانونيا" من البلد، فان المجموعة قد هربت كذلك القروض إلى الخارج، و هكذا أصبحت مدينة للعديد من الجهات بحوالي 45 مليار درهم.
  "اشترت" مجموعة الشيخ محمد حسين العمودي شركتين (سامير و الشركة الشريفة للبترول) من الدولة المغربية بحوالي 4 مليارات من الدرهم، و تهربت من أداء حوالي 13 مليار لنفس الدولة. و هكذا ربحت "على ظهرنا" حوالي 9 مليار. يا للأضحوكة !!!!   
 
3 – التطورات منذ "إعلان" 5 غشت 2015
  تفاجأ يوم 5 غشت 2015 الرأي العام الوطني بقرار شركة "سامير" توقيفها لأهم الأنشطة "نتيجة الخسائر المتراكمة" و "لعجزها" عن  تسديد الديون المتراكمة.
القرار 'فاجأ" الحكومة و رئيسها، فاجأ القيادات النقابية و الحزبية...الخ، و هذا رغم أن مناضلي كدش ب"سامير" سبق لهم أن نبهوا في عدة المناسبات مختلف الجهات  بالمخاطر التي تهدد مستقبل الصناعة البترولية بالمغرب: من التكرير إلى التوزيع و معالجة صناعيا مختلف المشتقات، و ذلك نتيجة عدم التزام المجموعة المالكة لتعهداتها فيما يخص الاستثمار، و عدم الوفاء بالتزاماتها تجاه مطالب العمال المشروعة، تلك المطالب التي كان الهدف منها تقوية الطاقة الإنتاجية و التوزعية، تلبية لطلب السوق الوطنية، هذا من جهة، و صيانة المكاسب المادية و الاجتماعية للعمال، العمود الفقري لمختلف أنشطة الشركة.
بعد ارتباك مختلف مصالح الحكومة (و ليس الدولة، لأن هناك من يعرف خبايا الأمور)، فقد تقرر منع البواخر المحملة للبترول من ولوج ميناء المحمدية، ثم "الحجز" العملي على أصول و مختلف ممتلكات الشركة، و تجميد الحسابات البنكية لكل من شركة "سامير"، و مالكها الشيخ محمد حسين العمودي، و مديرها العام السعودي جمال با-عمرو 

4      – مخلفات الأزمة إلى حدود 19 شتنبر 2015
   يمكن تركيز المعطيات في النقط الآتية:
- بلغت ديون شركة "سامير" حوالي 45 مليار درهم، و هي في ارتفاع مستمر نتيجة تراكم الفوائد...الخ
- انخفاض مهول في نشاط ميناء المحمدية التي تشكل أنشطة "سامير" حوالي   87%منه.
- حوالي 000 7 أسرة التي تعيش من أنشطة الشركة (بين العمل القار، و العمل عن طريق شركات المناولة و الوساطة) مهددة في قوتها اليومي.
- ستعيش مدينة المحمدية أزمة حقيقية في حالة التوقف النهائي لأنشطة "سامير"، لأن العديد من القطاعات ازدهرت نتيجة "سيولات" أجور العاملين بالشركة...الخ
- عدم استعمال و صيانة آلات الإنتاج يعرضها ل"الصدأ"/ rouille la نتيجة الرطوبة.
- تستفيد حاليا شركتا طوطال الفرنسية، و افريقيا المغربية من توقف أنشطة "سامير"، و ذلك عن طريق الواردات الصافية من الخارج، مما يعمق التبعية، و يدعم مصفاة البترول في دول أخرى.
- حسب مصادر نقابية،  فان المدير العام للشركة قد يكون صرح لهم بأن "مشكل" أزمة "سامير" يتجاوز النقابات، و المدير العام، و حتى مالك المجوعة، الشيخ محمد حسن العمودي. "افهم الفاهم !!! ). بمعنى مفتاح الحل موجود بين أيدي البلاطين، السعودي و المغربي.
- من وراء "أزمة شركة سامير"؟ الشيخ العامودي في محاولة ابتزاز الدولة المغربية؟ أوساط رأسمالية مخزنية بهدف الاستيلاء على القطاع؟ أوساط مغربية فرنسية بهدف الاستحواذ على قطاع استراتيجي؟ يبقى الجواب غائبا إلى حدود كتابة هذه السطور لانعدام معطيات جدية.
- شركة "طوطل" الفرنسية هي المستفيد الرئيسي من إفلاس شركة "سامير": تستورد "الصافي" من مصفاتها بفرنسا، و تقوم بتوزيعها عبر المغرب. كل ما يخسره الاقتصاد الوطني، يربحه الاقتصاد الفرنسي.
- عمال "سامير" و الجبهة الداعمة لهم (من ضمنها النهج الديمقراطي) لا ترى في الوقت الراهن أي حل آخر خارج التأميم.
الخلاصة
   كيفما كانت الخلفيات، و الرهانات، و "الحلول" المطروحة... فان أزمة شركة "سامير" تعبر عن إفلاس عملية الخوصصة. تتحمل العديد من الأطراف مسؤولية ال"فياسكو/ fiasco  leتفويت إحدى "مجوهرات" الوطنية للمفترسين/المضاربين الأجانب. في مقدمة المتهمين بتخريب الاقتصاد الوطني، الحسن الثاني، و ذلك منذ أصبح ملكا سنة 1962، كما تتحمل المسؤولية القوى السياسية التي تعاقبت عن تدبير الشأن الحكومي منذ خوصصت شركة "سامير" سنة 1997، التي كانت غائبة كل الغياب عن ما يجري في قطاع استراتجي، و تجاهلت تحذيرات الحركة النقابية الجادة بداخل الشركة...الخ، كما تتحمل القيادات النقابية جزءا من المسؤولية لأنها تجاهلت كذلك نفس التحذيرات. أما المؤسسات المخزنية، بما فيها "المنتخبة"، فهي تبقى "خارج التغطية"، لأن الفاقد الشيء لا يعطيه.
   يتجلى الحل الوحيد لإفلاس شركة "سامير"، في تأميم قطاع المحروقات بكامله من الاستيراد، إلى التوزيع مرورا بالتكرير، و صناعة المشتقات. لضمان تسيير و تدبير عقلاني و شفاف، يجب أن يساهم العمال من خلال ممثليهم الحقيقيين في، ليس فقط في الاختيارات الإستراتجية، بل كذلك في تعيين المسؤولين المباشرين، و في اتخاذ القرارات المتعلقة بتنظيم عملية الإنتاج و التوزيع.
  و مهمتنا كقوى تقدمية تتلخص حاليا في: التعريف بالإفلاس، في فضح و تعرية خلفياتها/أسبابها حسب المعطيات المتوفرة، التنديد بمواقف الدولة المتسمة بانعدام الشفافية، و بالتساهل مع المجموعة السعودية...الخ، دعم من خلال "الجبهة المحلية بالمحمدية" حركة عمال الشركة، فتح نقاش عمومي واسع حول "الخوصصة" التي راهنت الاقتصاد الوطني، و عمقت التبعية للخارج.
على فقير، 18 شتنبر 2015

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire