vendredi 12 septembre 2014

حول العلاقات بين السياسي والنقابي، و الحقوقي

حول العلاقات بين السياسي و النقابي، و  الحقوقي

  يتخذ الصراع الطبقي أشكالا مختلفة، منها ما هو بارز و منها ما هو باطني، و ترتفع حدته.حرارته أو تنخفض حسب  الظرفية و حسب بالخصوص موازن القوي و مستوى     الوعي و التنظيم و  السخط الجماهيري...الخ
  إن مغرب اليوم يعيش حراكا اجتماعيا محركه الأساسي الصراع الطبقي بين من جهة التكتل الطبقي السائد (البرجوازية الرأسمالية المرتبطة بالسوق العالمية، ملاكو الأراضي الكبار، البروجوازية البيروقراطية مدنية و عسكرية المتحكمة في مختلف أجهزة الدولة، المضاربون العقاريين و الماليون، الوصوليون "المنتخبون" و كوادر الأحزاب السياسية الملكية و القيادات النقابية، أصحاب المهن الحرة الكبار  الذين استفادوا من الفتات و من التملص من الضرائب، المتاجرون في المخدرات و الجنس، الطفيليون الذين يعيشون من اقتصاد الريع....)، هذا التكتل مدعم  في مختلف المجالات  من طرف الامبريالية و الصهيونية و مختلف القوى الرجعية العالمية و في مقدمتها ممالك البترول العربية، هذا طرف التناقض الرئيسي، و يتشكل الطرف الثاني  من مختلف الطبقات الشعبية: الطبقة العاملة و عموم الكادحين بالأساس (الفلاجون الفقراء و المتوسطون، أشباه البر وليتاريا المدينية، الحرفيون الصغار، الباعة المتجولون، عاملات المنازل....) الموظفون الصغار و مختلف الفئات البرجوازية الصغيرة ( المشكلون من مختلف المالكين لرأسمال صغير، أو مهارة، أو تكوين ثقافي...يمكنه من العيش دون اللجوء إلى استغلال قوة العمل أو إلى بيع قوة عمله إلا ناذرا و في حدود ضعيفة...)، المعطلون، الطلبة، التلاميذ و مختلف الفئات المهمشة و المقصية اقتصاديا و اجتماعيا.
  تشكل المؤسسة الملكية (و هي أكبر رأسمالي و أكبر ملاك الأراضي بالمغرب) الأسمنت الذي يضمن "انسجام" التكتل السائد، و الساهر على مصالحه العامة.
   من الأشكال التي يتخذه الصراع الطبقي في مغرب اليوم، أشير إلى الجبهات السياسية، و الحقوقية، و الاقتصادية (النقابية)، نظرا للخلط الفكري و العملي الذي يسود في بعض  الأوسط المناضلة.
1 النضال الحقوق: أهدافه و محدوديته.
   المقاربة الحقوقية ليست في الأصل مقاربة طبقية صرفة. انه يهتم بالأساس بالحقوق المشتركة لدى البشر: مثلا الدفاع عن محاكمة عادلة لمتهم مهما كانت "الأفعال" المرتكبة، و مهما كان انتمائه الطبقي،  و مرجعيته الفكرية، و انتمائه السياسي...
  هل الحقوقي "فوق" السياسة؟ بطبيعة لا، ثم لا. ففي التجربة المغربية، هناك "حقوقي" يخدم في نهاية الأمر سيادة الاستبداد المخزني (مختلف المؤسسات "الحقوقية" التي أنشأها القصر)، و هناك "حقوقي" مرتبط بالقوى الملكية الإصلاحية (المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، العصبة...)، هناك حقوقي يركز أنشطته على فضح الخروقات التي يقترفها النظام  في حق المواطنين ( الحقوق السياسية و المدينة)، و الخروقات التي تقترفها الدولة و الباطرونا بمختلف شرائحها في حق العمال، و المعطلين، في حق اللغة و الثقافة الأمازيغية...(الحقوق الاجتماعية و الثقافية)...الخ و هذا ما تقوم به الجمعية المغربية لحقوق الإنسان منذ نشأتها، و هذا التوجه غير مرتبط بمكون سياسي واحد، بل هي قواسم مشتركة لكافة القوى التقدمية.
  إن النضال الحقوقي لا يطرح على عاتقه مشروع الاستيلاء عن السلطة، و لا القضاء على طبقة معينة، أو عن ملكية وسائل الإنتاج...ليس لديه مشروع سياسي واضح، فهو يدافع عن قيم و حقوق خاصة بالإنسان كانسان. إن النضال الحقوق واجهة من واجهات المقاومة ضد الاستبداد المخزني.
2 – النضال النقابي: أهدافه و محدودياته.
  بكل بساطة،إن الهدف الأساسي للنضال النقابي هو تلطيف شروط الاستغلال، و ليس القضاء على الاستغلال: الزيادة في الأجور، تخفيض ساعات العمل، التصريح لدى الصناديق الاجتماعية، توفير شروط السلامة داخل وحدات الإنتاج، الحق في الانتماء النقابي...
   هل النضال النقابي فوق السياسة؟ لا، ثم لا. و هنا يمكن الحديث عن النقابة البيضاء (الرجعية)، و النقابة الصفراء الباحثة عن الاتفاقات الجماعية مع الباطرونا، المتخاذلة في المعارك العمالية الكبرى، المهادنة ليس فقط للرأسمال بل للاستبداد المخزني (حالة ا م ش و كدش)، الغير الداعمة للحراك الشعبي (حركة 20 فبراير، حركة المعطلين، حركات الأحياء و المداشير الشعبية....)، النقابة الحمراء التي تربط النضال الاقتصادي بالأهداف الثورية للقضاء على أصل الاستغلال: الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج...و هذا النوع من النقابات لا وجود له في مغرب اليوم.
   النضال الاقتصادي واجهة الصراع ضد الرأسماليين...لكن يبقى محدودا في أهدافه، و نتائجه.   
3 – النضال السياسي: أهدافه و آفاقه.
   إن الهدف من الانخراط في تنظيم/تيار سياسي يمكن أن يكون:
-  الدفاع عن الواقع السائد، و يتشكل بالأساس هذا الصنف السياسي من القوى المحافظة، و يدخل في هذه الخانة كل من يتبنى شعار "الله، الوطن، الملك"
-  السعي إلى إرجاع المجتمع إلى قرون مضت، و هي قوى رجعية ماضوية، تتشكل من القوى الإسلامية المعارضة
- تغيير الواقع و التقدم إلى الأمام بتحرير المجتمع من الاستبداد (و هنا يمكن الحديث عن التقدمي، و الإصلاحي، و الثوري...)
   فخلافا للحقوقي و النقابي، فالسياسي له مشروع مجتمعي يهم مختلف مجالات حياة الإنسان، و مضمونه مضمون طبقي. فللحقوقي و النقابي محدوديات   limites  و السياسي له آفاق بعيدة المدى، آفاق طبقية . الحقوقي و النقابي يدخلان في خانة "الإصلاح" و لا يمسان الجوهر.  و الخطير أن يسقط المناضل في أحد الخطأين:
-  احتقار النضال الحقوقي و النضال  الاقتصادي و إهمال هذه الواجهة النضالية ضد الاستبداد المخزني، و ضد بطش الباطرونا...
- احتقار ألانخراط السياسي و العمل من أجل بناء أدوات التغيير و إشاعة الفكر الثوري، مرتكزا  في ذلك على الأبحاث الميدانية، و التحليل العلمي ، و الاجتهاد النظري من أجل   تفعيل الفكر الشيوعي في   واقع التشكيلة الاجتماعية و الصراع الطبقي بالمغرب، و اتخاذ المواقف الصحيحة و الملائمة انطلاقا من مقولة "التحليل الملموس للواقع الملموس", فالشعارات الرنانة و الهراوات، و السلاسل، و الخناجر، و العنف ضد حاملي الرأي المخالف ...لا يولد الثوار.
   إن تجربة منظمة "إلى الأمام" الماركسية اللينينية غنية في هذا المجال: فمنذ تأسيسها، انخرط العديد من مناضليها في النضالي النقابي ( ا م ش)، و في الجبهة الحقوقية (أول مبادرة لتأسيس إطار حقوقي علني بداية 1972، كان من رائها مناضلو "إلى الإمام" و مناضلو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية)...الخ
إن النضالات الجمعوية عامة، و الحقوقية، و النقابية، و السياسية خاصة، متداخلة، متكاملة، لكن تبقى السيادة و القيادة للمنظور السياسي، للمنظور الطبقي.
لا يمكن فهم شيء بدون مقاربة سياسية.
علي فقير، في 20 فبراير 2013

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire