dimanche 21 septembre 2014

حول مفهوم البروليتاريا



حول مفهوم "البروليتاريا"
على فقير

من المصطلحات الغير "الدقيقة" و المستعملة في العديد من المناسبات بمعاني مختلفة، نجد مصطلح "البروليتاريا"/"البروليتاري".
إن "الغموض" المحيط بمحتواه، و الاستعمال المفرط  ل"تصليب" موقف معين، أو تأسيس "نظرية"، قد جعل من كلمة "البروليتاريا"، مصطلحا مطاطا يؤدي بالعديد من الفاعلين إلى منزلقات يمينية و يسراوية.

أولا: أصل الكلمة.
كلمة "البروليتاري"   proletarii تعنى في الأصل، أسفل طبقة اجتماعية في روما القديمة، أي مجموع   "مواطني" روما (بدون حقوق فعلية)، ينحصر دورهم الأساسي في الإنجاب، لا حق لهم في امتلاك أسلحة  pièces d’armure))، هجومية منها و دفاعية.  "البروليتاري" لا يملك شيئا خارج أطفاله (Proles).

ثانية: تطور المصطلح.
استعمل مصطلح البروليتاري من طرف العديد من الكتاب، أمثال جون جاك روسو، و ذلك بمعنى الإنسان الذي لا يملك شيئا...الخ. قبل 1843، كان ماركس يستعمل مصطلحات "الشعب"، "الفقراء"، "الطبقة البائسة"، و منذ 1943 وجدت كلمتا "البريتاري" كفرد/"البروليتاريا" كطبقة مكانهما في مختلف كتابات ماركس، ثم في كتابات انجلز و في كتابات مختلف المنظرين الشيوعيين.
لقد ربط ماركس و انجلز، منذ صدور "البيان الشيوعي" سنة 1948، مصطلح البروليتاريا بطبقة الذين لا يملكون وسائل الإنتاج (وسائل عملها)، مما يضطرهم إلى بيع قوة عملهم لمالكي وسائل الإنتاج (الرأسماليين/البرجوازيين)، ينتجون بذالك فائض القيمة (فائض القيمة=قيمة المنتوج – الرأسمال الثابت - الرأسمال المتغير )....الخ
ورغم هذا التعريف، فان مصطلح البروليتاريا، يبقى مصطلحا معقدا، استعمل ثارة بمعنى " طبقة الشغالين/ travailleurs"، و ثارة  بمعنى"الطبقة العاملة classe ouvrière/" ...الخ

ثالثا:  الضبابية النظرية أم "الخلط" المتعمد
 أن يلتجئ منظروا البرجوازية إلى محاولة دحض الطروحات الماركسية، و نفي وجود استغلال العمال من طرف الرأسماليين، و التناقضات/الصراعات الطبقية، الباطنية و الظاهرية منها، الناتجة عن علاقات الإنتاج...الخ فهذه نظريات /مواقف مفهومة و "معقولة"، لكن أن يلتجأ "أصدقاء" الكادحين إلى عملية التمويه، و التحريف يبقى شيئا آخر.
أمام صعوبة التجدر وسط الطبقة العاملة يلتجئ البعض إلى "تمطيط " مفهوم الطبقة العاملة لتبرر التركيز على فئات و شرائح أخرى، بل منهم من يعتبر أن الطبقة العاملة لم يعد لها وجود.
1- لقد ادعى العديد من المنظرين، أن الطبقة العاملة اندحرت ليحل محلها فئات و شرائح اجتماعية جديدة: "أصحاب الياقات البيضاء"، العمال المختصون، التقنيون، المستخدمون، المأجورون...الخ، مما يفقد النظرية اللينينية حول ضرورة بناء حزب الطبقة العاملة...الخ مصداقيتها حسب زعمهم، و يبرر مختلف الانحرافات اليمينية.
2- اعتمد البعض على دينامية الحركة الطلابية، و انحدار أغلب الطلبة من الأوساط الشعبية، و انسداد أفق التسلق الاجتماعي أمامهم ليصنفهم ب "بروليتاريا الغد"،  و إدراج نضالاتهم الراهنة في خانة سيرورة "الثورة البروليتارية"، مما يبرر انحرافات يسراوية.
3- ارتباطا بما يقع في العالم العربي منذ 2011، التجأ البعض إلى تخريجات جديدة. و حتى أفيد القارئ بمساهمة السيد "هشام غضيب" (الثورة الدائمة) حيث يقول: " لقد وصف بعض المراقبين الثوار المصريين (والتونسيين أيضاً) بأنهم شباب عصريون ينتمون إلى الطبقة الوسطى. ولكن، هل هم كذلك بالفعل؟ لست أعتقد ذلك. وعلى أي حال، فإن مفهوم الطبقة الوسطى مفهوم ضبابي هلامي لا يفيدنا كثيراً في تحليل الوضع. كذلك، فإن ما سمي الطبقة الوسطى أضعف وأكثر هلامية وسخفاً ورجعية من أن تقدم على مغامرة تاريخية كبرى كالذي شاهدناها في تونس ومصر. ثم إن أولئك الشبان الأشاوس لا يعانون من مشكلات الطبقة الوسطى بقدر ما يعانون من مشكلات الطبقة العاملة الكلاسيكية، كالبطالة والاستغلال. فنسبة البطالة في صفوفهم تفوق نسبة 40%. كما إنهم يساهمون بكدحهم الذهني في خلق ثروات هائلة لشركات تقانة المعلومات والاتصالات من دون أن يطالهم الكثير مما يخلقونه من ثروة. وهكذا، فإنه يمكن القول إنهم يمثلون نوعاً جديداً من البروليتاريا، ما أسميه البروليتاريا الذهنية، التي تكدح بمهاراتها الذهنية وتخلق رأس مال ضخم بها. ولهذه الطبقة العاملة الجديدة أشكالها الجديدة في التنظيم، والتي ترتكز إلى أحدث تقانات المعلومات والاتصالات.
من ثم، يمكن القول إن الثورات العربية الراهنة لهي في المقام الأول ثورات البروليتاريا الذهنية الحديثة.
أما البروليتاريا التقليدية، فمع أنها تباطأت في حراكها الثوري في بادئ الأمر، إلا أنها سرعان ما تحركت بزخم ملحوظ وساهمت مساهمة رئيسية في إسقاط المافيا الأمنية الحاكمة. وما زالت تتحرك بإضراباتها واعتصاماتها المؤثرة."
4 – استعمال "البروليتاريا الذهنية" موازة مع "البروليتاريا اليدوية". إن وحدات صناعية مثل شركة "سامير" بالمحمدية، و "فاليو"، و "رونو"، و "سوماكا"،...الخ لم تعد تشغل "الأميين". فأغلب عمالها يتوفرون عن الباكلوريا زائد سنتين، و في هذه الحالة لا يمكن أن نتحدث عن "عمل ذهني "مستقل عن "العمل اليدوي". إنهم جزء لا يتجزأ من الطبقة العاملة. الحديث عن شرائح (و ليس فئات) عمالية يبقى مقبولا، لكن لا يمكن خلق "حدود" بين "البروليتاريا الذهينة " و "البروليتاريا اليدوية".

خامسا. أليس هناك فرق بين البرولتاريا و الطبقة العاملة؟
تتحدث أدبيات" منظمة إلى ألأمام" منذ نشأتها عن القلعات البروليتارية (مثل مناجم الفوسفاط، و المعامل الصناعية الكبير، السكك الحديدية...)، مما يعطي الدور الريادي لعمال الوحدات الرأسمالية العصرية المنتجة. و يمكن أن يفهم من هذا أن البروليتاريا هو الجزء من الطبقة العاملة المرتبط بالقطاع الرأسمالي الصناعي المتطور و المتواجد في وحدات إستراتيجية في اقتصاد البلد. 
 من خلال بحثنا لا حظنا أن العديد من المفكرين الشيوعيين يتناولون مصطلح البروليتاريا عندما يتحدثون عن الدور الثوري التاريخي للطبقة العاملة، عندما يتناولون مشروع التغيير بقيادة الطبقة العاملة. يقول لينين سنة 1895:"إن انجلس هو أول من أعلن أن البروليتارية ليست فقط طبقة تعيش المعاناة بل طبقة يدفعها وضعها الاقتصادي المزري بشكل لا يقاوم إلى الأمام و يجبرها على النضال من أجل تحررها النهائي"، ثم زاد يقول:"لقد اعتقدا جازمين (ماركس و انجلس) أن البروليتاريا ليست فقط القوة القادرة على قيادة هذا النضال بل كذلك القوة التي لها مصلحة مباشرة في أن يصل هذا النضال إلى غايته".  
جاء في "معجم الماركسية النقدي"  ل جيرار بن سوسان و جورج لابيكا :"يبدو أن في الإمكان استخلاص ما يلي: إن البروليتارية كتسمية تشمل الطبقة العاملة. فكلمة البروليتاريا تشير إلى ما لهذه الطبقة من خصوصيات في المجتمع البرجوازي، و هي غياب أي ملكية و الاقتصار على بيع قوة العمل، و خلق القيمة الزائدة، و تبعا لذلك الوعي بالذات و الوظيفة الثورية".  و بهذا المعنى يعتبر مفهوم بروليتارية مفهوما نظريا بحتا. أما إذا لم تكن الحاجة  إلى الاستشهاد بكل هذه الخصوصيات فانه يقع اللجوء إلى استعمال الألفاظ ذات المضامين الواسعة مثل الطبقة العاملة، أو الشغالين. إلا أن لفظ البروليتارية سرعان ما يستعيد زمام المبادرة كلما لاح في الأفق خطر الخلط أو حدثت ضرورة للتذكير بمواصفات البروليتارية كما هو الشأن عندما تطرح مثلا مسألة حزب البروليتارية (الذي هو حزب الطبقة العاملة و حلفائها نظريا و على أرض الواقع)." (ص 265)
الخلاصة
رغم الإشكالات و التعقيدات النظرية التي تطرحها عدة مفاهيم كمصطلح "البروليتاريا"، فانه يمكن الحديث عن الطبقة العاملة من منظور "سوسيولوجي": وجودها في الواقع الموضوعي كمجموع الأفراد لا يملكون وسائل الإنتاج (وسائل عملهم)، و للاستمرار في الحياة هم و عائلاتهم يضطرون إلى بيع قوة العمل في إطار علاقة العمل المأجور الذي يميز نمط الإنتاج الرأسمالي، ينتجون فائض القيمة لصالح الباطرونا (المظهر المادي للاستغلال البشع). و من خلال إحصاء بسيط يمكن تحديد أهميتها الكمية، على صعيد وحدة إنتاجية، على صعيد قطاع معين، على الصعيد الوطني. لذا يمكن الحديث عن الطبقة العاملة ذاتها.
يتم الحديث عن البروليتاريا، من منطلقات نظرية متعلقة بدورها التاريخي في الصراع الطبقي من أجل مجتمع جديد، مجتمع تنعدم فيه الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، و الفوارق الطبقية، و بالتالي ينتفي فيه استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
فالبروليبتاريا هي الطبقة العاملة الواعية و الحاملة لمشروع  التغيير، و الفاعلة في الصراع الطبقي من أجل انجاز ذلك المشروع. البروليتاريا هي الطبقة العاملة ليست فقط في ذاتها (  كمعطى موضوعي في النظام الرأسمالي) بل الطبقة العاملة لذاتها، أي طبقة واعية بموقعها الطبقي، بواقعها كطبقة مستغلة ، و بدورها التاريخي كطبقة ثورية، طبقة حاملة للمشروع الاشتراكي، طبقة فاعلة ميدانيا من أجل تحقيق أهدافها التحررية .
على فقير، 21 شتبنر 2014

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire